عندما نتحدث مع
بعضنا البعض . تكون معظم موضوعاتنا المطروحة للنقاش من الذاكرة , وحينما
نحاول أن نتذكر معلومة معينة , نستعين دائما بالذاكرة , وعندما نرى أشخاصا
في أماكن و أوقات مختلفة , فهناك أحتمالان لا ثالث لهما , إما أن نتعرف
إليهم أو لا يمكن لنا ذلك , فلماذا برأيكم ؟ إنها الذاكرة .
إن لكل
منا ذكريات كثيرة , تعكس واقع تجربات معينة قد مر بها من قبل , وعلى
أساسها يقيم الأمور , ويحدد أبعاد قراراتة التي يتخذها يوميا . هذه الحقيقة
تقودنا إلى نقطة مهمة , ألا هو الأنطباع الأول , الذي نتركة نحن عند
الآخرين .
أن من
يعرفنا عن كثب خلال الأحتكاك اليومي , أو العمل في نفس المكان ولفترة طويله
من الزمن , سوف يتفهم دوافع تصرفاتنا وحالتنا النفسية في لحظات معينة ,
لأنه من خلال تجربة العمل الطويلة في التعامل معنا , ستكون لدية القدرة
على تفسير بعض تصرفاتنا , و إعطاء العذر في حال تقصيرنا , و التناقض في
تصرفاتنا بين الحين و الآخر لأسباب مختلفة , منها واقع نمط الحياة
وضغوطاتها المختلفة .
أما
الأشخاص الذين لا يعرفوننا فالأنطباع الأول مهم للغاية , فدائما مايكون
اللقاء الأول هو ( المفتاح ),
فإما أن
يفتح بسهولة أو يغلق , وخصوصا أن هؤلاء الأشخاص لا يحملون في أرشيف
ذاكرتهم أية معلومة تحدد ملامح شخصيتنا , أو تهبهم فكرة معينة عن خصالنا و
مبادئنا .
لذا لا
عذر نا أمامهم خصوصا في لقائنا الأول , عما سوف تكون عليه أفكارنا في حالة
عدم أننا لم نكن في مزاج جيد في تلك اللحظة وقد لا تسنح لنا فرصة أخرى من
أجل تغيير أنطباعهم الأول عنا , و حتى لو أتت هذه الفرصه لاحقا , قد
لاتكون المحاولة مجدية , لذلك فلا بد أن نعكس للآخرين سواء من نعرفهم أو
لا نعرفهم شخصيتنا الحقيقية , وكل ما هو جميل داخلنا , لأنه من الأجدر بنا
أن نملأ ذاكرة الآخرين , خصوصا عندما لا نحتوي على أية أفكار أو أحكام
مسبقة عنا بكل ماهو جميل في شخصياتنا , أو نجعلهم بكل بساطة قادرين على
تكوين فكرة مبدئية جميلة عنا , وهذا الأمر ليس بالشيء الصعب , فلن يستغرق
الوقت إلا دقائق معدودة , فقد تكون كلمة أو أبتسامة أو تحية مفتاحا لباب
من العلاقات الجيدة مع كل من حولك من الزملاء , سواء من تعمل معهم في مكان
واحد , أو مع من يجمعك معهم مكان العمل , وقد لا تواجههم إلا مرات قليلة
وقد تكون بالصدفة , ولكنك سترى مدى أحترامهم وتقديرهم لك, فإما أن تسمع
تحية منهم, أو أن ترى أبتسامة أو إيماءة تظهر مدى إعجابهم بسلوكك و
تصرفاتك , التي أكتسبت حب و أحترام الآخرين لك , والعكس صحيح .
إن لم
تظهر للآخرين أفضل مالدينا في أول لقاء معهم , ستتكون فكرة مبدئية عنا قد
يصعب تغييرها في المستقبل .
مثال
بسيط : حاول أن تنتبه لطريقة تعامل الآخرين لأشخاص مختلفين عندما تنتقل
عبر الممرات داخل نطاق عملك , فأنت يمكن لك أن تلاحظ أن بعض الناس عندما
يراهم الآخرون يبادرونهم بالتحية و الأبتسامة أو بالإيماءة , التي تدل على
التقدير والأحترام , وكيف أن البعض الآخر قد لا ترى تغييرا في ملامح
شخصيته عندما تمر به, لا لشي ولكن لأن الذاكرة التي يحملها لا تحتوي على
معلومات عن شخصيتك , لأنك لم تقدمها للآخرين بالشكل الصحيح, وظلت هذه
الشخصية التي تحملها بكل مافيها من جمال , غامضة بالنسبة لهم ولو أنك قدمت
أفضل ماعندك , وجلعت ذلك سلوكا دائما , في كل تعاملاتك مع الآخرين , سوف
ترى الفرق بشكل واضح , وهذا يقود في المصلحة إلى فريق عمل , أشبه مايكون
بالعائلة الواحدة التي تملك ذاكرة تحمل الصفات الإيجابية عن بعضها البعض ,
و الأفكار والمعلومات التي بها تعمل بمنهجية واضحة ومعرفة بإمكاناتها
وتوظيفها .