gigi «.¸¸.•°°مشرف قسم·.¸.•°®»
عدد الرسائل : 10739
تاريخ التسجيل : 13/08/2008
| موضوع: في انتظار الحافلة الجمعة نوفمبر 20, 2009 7:43 pm | |
| في انتظار الحافلة
أجلس في المحطة، يدي على خدي تارةً ثم أقف، و أخطوا خطوات متثاقلة وسط الإزدحام مُخترقاً غابات من الأرجل و الأجساد التي تفوح منها روائح مجتلفة من أزكاها إلى رائحة العرق المتصبب من خلق الله، أرفع رأسي وأنظر خلف الحشود لعليَ أرى الحافلة قد وصلت؛ الحافلة التي تحمل ضيفا عزيزاً، تمر اللحظة واللحظات فالساعات، و لا أثر لها، ثم أعود إلى مقعدي الحديدي لأجد أحدهم قد استعمره، أقف لحظة ثم أجلس القرفصاء وقد أذخلت رأسي بين ركبتي، غريبة هذه الحالة، غريب أن تنتظر شخصاً لا تعرفه، ولم تسمع عنه يوماً، ولا تعرف حتى متى سيأتي؟؟؟ غريب أن تنتظر طيفاً، شبحاً، أن تنتظر اللا أحد، وصلت كل الحافلات إلا حافلتي، وجأت كل الأطياف إلا طيفي لم يصل بعد، تعانق الكل إلا أنا، الكل رحب بالقادم إلا هذا العبد الذي لم يُكتب له بعد، غادر الكل وبقيت وحدي بالمحطة، إلا بعض المشردين وماسحوا الأحدية، أكيد أن لي قاسم مشتركة مع هؤلاء المشردين و الضائعين، فكلنا لا يعرف أين سيتجه، الكل بدون مأوى، رغم ذام البيت الخالي، سألت مسؤول المحطة: "متى ستأتي حافلتي؟؟ أقصد الحافلة التي ستأتي بعد قليل؟؟؟" أجاب بلهجة مخيفة وصوت خشن بأن أول حافلة ستأتي في الصباح، أما الآن فقد انتهى العمل وسيرحل الكل بعد لحظات؛ تراجعت بخطوات متتاقلة نحو الكرسي الحديدي الذي كان في راحة ثامة منذ أن غادر العباد هذه المحطة، وأنا أقول في نفسي: "ماذا يهذي هذا المخبول؟؟ أكيد أن الحافلة ستصل بعد لحظات يريدني أغادر كي يسرق مني طيفي"، مرت اللحظات وعقارب الساعة تتحرك ببطئ شديد، وكأنها أيضاُ يئست من هذا الوضع، بالكاد تجر خطواتها إلى الأمام، فيُساورني شك أنها معطلة. أُصر على البقاء، نعم سأبقى إلى أن تأتي الحافلة، ستأتي حافلتي، و سيأتي على مثنها محبوبي ذاك، صاحب الوجه البشوش، والعيون الذابلة العسلية، حبيبي اللذي يبتسم فتزقزق العصافير، وترقص الفراشات، حبيبي صاحب القامة الهيفاء، حبيبي اللذي تتورد وجنتاه إذا نظرتَ في عينيه، ويتصبب عرقاً إذا كلمته، كل كلامه همس، حبيبي ذاك إذا نظرت في عينيه ملكت الدنيا، و إذا تكلم صمت الشعراء و سقطت المعلقات، هذا حبيبي اللذي أنتظر وصوله، سيأتي بعد لحظات على مثن الحافلة.
تسمرت في مكاني إلى أن جاء حارس المحطة، فطردني خارجها، وقال: "لا حافلات الليلة إن لم ترحل سأطلب الشرطة"؛ قلت في نفسي: "سامحك الله، سأرحل الآن، لكن اعلم أني سأعود غداً وسأعود في الصباح الباكر حتى أشهد شروق الشمس رفقة حبيبي، وإن لم نشهد الشروق سنستمتع بالغروب، المهم أني سأعود". | |
|