بعد سنوات من الحب والحلم والألم والمعاناة والحزن والفرح والانتظار ..... جاء مستاذنا الرحيل
وتستأذننى الرحيل منى .... فماذا عساى أقول لك ؟
وماذا تنتظر منى أن أفعل و أنت تضعنى أمام فوهة بركان فراقك ؟
صدقا ؟ ماذا تنتظر منى أن أفعل ؟
أن أفتح لك فم قلبى على اتساعه .... وافتح مسامات حلمى على مداها .... وأقول لك برقى أميرة شامخة .... ارحل ؟
أن أرتدى أجمل ما لدى من الحراير .... و أقف فوق المحطة الأخيرة من الحكاية و أودعك برومانسية جولييت ؟
أن أتزين لك بالكحل العربى ... وبالعطور الشرقية .... ودخان البخور المشتعل بين أضلعى ... وأرتمى فى أحضان الفراق .... و أقول لك بانكسار العالم ..... وداعا؟
أن أقص ضفائرى الغجرية التى رويتها بأدمعى لك ... و أخبئها فى حقائبك كذكرى مجنونة من امرأة أحبتك ذات جنون ووحشية ؟
أن أحمل بيدى باقات الورود ... و أضعها فوق رفات الحكاية ... و أنزف فوق رفات الحلم الممدد أمامى ... وانخرط فى بكاء مرير ؟
أن أرتدى قناع الفرح ... و أرسم فوق وجهى وجها باسما لا يشبهنى ... و أزفك الى الرحيل بقهقهات موسيقية صاخبة ؟
أن أشد أوتار قلبى .... و أعزف لك لحن الوداع الأخير .... و أغنى لك أغانى ما قبل الموت و أتراقص فوق بقاياى كالطائر المذبوح ؟
أن أضحك وأبكى ... و أبكى و أضحك ... و أجيد دورى فى مسرحية مخيفة ... بطلها الوحيد هو الفشل المؤلم ؟
أن أفتح صندوق العمر ... و أذكرك بتفاصيل أيامنا التى كانت و طقوس أحلامنا التى هانت و أحاول بغباء اعادة الذاكرة المفقودة الى قلبك ؟
أن أعيد عليك قراءة وعودك وعهودك التى نزفتها لى ذات صدق ووعد ... و أعاتبك و أتساءل و أستفسر و أستنكر ؟
أن أعيد عليك سيناريو اللحظة الأخيرة بين العاشقين ... و أعدك بوهم المتفارقين أن لا أنساك أبدا ... و أن لا أحب بعدك أحدا ... و ان اتذكرك الى الأبد ؟
أن أمسك بطرف ثوبك باكية و أرجوك أن تؤجل الرحيل يوما آخر .... و أن تبقى فى أحضان حلمى فترة أطول ؟
أن أرفض الاستيقاظ .... و أطيل سباتى العميق بك ... و أغمض عينى بشدة .... و أرفض اختراق ضوء الواقع مدينة أحلامى ؟
أن أضع فى أذنى وهما جديدا يمنع وصول صوت رحيلك الى ... و يجنبنى هلع الانصات الى صوت قدميك و أنت ترحل بعيدا عنى ؟
أن أقف كالبلهاء .... أنظر الى السماء بذهول ... و أنظر الى الأرض بحزن .... و أنتظر هزة أرضية تعيدنى الى ذاكرة ما بعد اللحظة الأخيرة ؟
أن أضع ما تبقى لى من عمر و أحلام فى سلة ملونة .... و أهديك السلة لتلقى بها فى بحور قرارك المفاجئ .... الرحيل بعيدا عن أسوار حكايتى ؟
أن أضمك الى برعب أم توشك على أن تفقد تحت عجلات الواقع وحيدها الذى منحته كل شئ ... و أغلى شئ ... و أجمل شئ ؟
أن أتراقص فرحا ... و أصفق لقرارك الجميل باعجاب و دهشة .... و أتظاهر بقدرتى العظيمة على التنفس بلا أنفاسك والاستمرار فى حياة لا تحتويك ؟
أن أفكر أمامك بصوت مرتفع ... و أتساءل : كيف ستشرق الشمس غدا ؟ وهل ستشرق ؟ وكيف سأزور الأطلال وحدى ؟ وأى بقعة أرض ستحتمل بكائى عليها ؟
أن أنزوى فى ركن مظلم .... و أجلس بانكسار اليتم ... و أضع رأسى على ركبتى .. و أنتحب أمام فراقك لا حول لى ولا قوة ؟
أن أتهيأ للذبح الجميل ... بهدوء الحمل الصغير .... واتجه نحو مقصلة النهاية ... بذهول البرئ المقهور ؟
أن أفقد ذاكرتى كى أجنب نفسى مأساة مواجهة الأشياء والبقايا بعد رحيلك ؟
أن أرتمى تحت أقدام قلبك باكية متوسله أن تبقى كى لا يصاب عمرى بالشلل وكى تبقى ببقائك أشياء لا تسير عجلة الزمن الا بها ؟
أن أطلق صفارات الانذار فى أعماقى .... و أعلن حالة الطوارئ فى داخلى ... و أمنع قلبى من التجول فى محطة رحيلك كى لا يلمحك و أنت تذوب فى فم الفراق ... كقطعة سكر كانت لا تحلو الحياة الا بها ؟؟
حقا ....... ماذا تنتظر منى أن أفعل ؟؟؟!