هذا زمنٌ لا أعرفُهُ. لا يعرفُني
لا أُشْبهُهُ. لا يُشْبهُني.
زمنٌ يحكمهُ (الروبُوتُ)..
فلا أحلامَ, و لا أشواقَ, و لا إحساسَ, و لا تعبيرْ..
زمنٌ صارتْ فيه القُبْلةُ وَجَعاً..
و فمُ المرأةِ لوحاً من قصديرْ!!.
هذا زَمَنٌ يَسْبَحُ ضدَّ الشِعْرِ..
و ضدَّ الحبِّ..
و ضدَّ الوردةِ, و اللون الأخضَرْ..
زَمَنٌ وُضِعتْ فيه قلوبُ الناسِ
على سُفُنِ التصديرْ...
هل معقولٌ؟
أنّي في أيّام الحبّ الأعمى
كنتُ أقشِّرُِ لوزاً..
كنتُ أُكَسِّرُ جَوْزَاً..
كنتُ أُلَمْلِمُ أصدافاً زرقاءْ
أصدافاً فارغةً زرقاءْ؟
هل معقولٌ أنّي في أيّام جُنُوني
كنتُ أقيسُ جدارَ الصينِ..
و أنْخُلُ رملاً في الصحراءْ؟
هل معقولٌ..
أنّي كنتُ أغنّي طولَ الليل على قَدَمَيْكِ..
و أجلسُ فوقَ سريركِ كالبَببغَاءْ؟
هل معقولٌ..
أنّي كنتُ أُحبّكِ حتى الذَبْحِ.. و حتى المَحْوِ..
و حتّى حالاتِ الإسراءْ؟
هل معقولٌ أني في أيّام مُرَاهَقتي
كنتُ أموتُ بضَرْبة نَهْدٍ..
أو تغرقُني قَطْرَةُ ماءْ؟؟...
لا تَنْزعجي..
فأنا رجُلٌ لا يتذكَّرُ شيئاً..
لا يتذكَّرُ أحداً..
لا يتذكَّرُ لونَ البحر, و لا لونَ الشطْآنْ..
لا يتذكَّرُ أيَّ مكانٍ كانْ..
أيَّ زمانٍ كانْ..
لا يتذكَّرُ إسماً.. حَرْفاً.. لغةً..
مقهىً.. باراً.. وَطَناً..
لا يتذكَّرُ من عينيْكِ سوى النسيانْ...
أأنا الأحمقُ.. أم أنتِ الحمقاءْ؟
لستُ أصدِّقُ بعد اليومْ..
أنّي كنتُ أقولُ الشِعْرَ..
و كنتُ الأشُهَرَ ما بينَ الشُعَراءْ!!...
لندن ربيع 1996
اختاري
إنِّي خَيَّرتُكِ.. فاخْتاري
ما بينَ الموت على صدري..
أو فوقَ دَفَاتر أشعاري..
إختاري الحُبَّ.. أو اللاحُبَّ
فَجُبْنٌ أن لا تختاري..
لا توجدُ مِنْطَقَةٌ وُسْطَى
ما بين الجنّةِ و النارِ..
إرمي أوراقَكِ كاملةً..
و سأرضى عن أيِّ قرارِ..
قُولي. إنْفَعِلي. إنْفَجِري
لا تقفي مثلَ المِسْمارِ..
لا يمكنُ أنْ أبقى أبداً
كالقَشَّة تحت الأمطارِ
إختاري قَدَراً بين اثْنَيْنِ
و ما أعْنَفَها أقداري..
مُرْهَقَةٌ أنتِ.. و خائفةٌ
و طويلٌ جدّاً.. مشواري
غُوصي في البحر.. أو ابْتَعِدي
لا بَحْرٌ من غير دُوَارِ..
الحُبُّ.. مُواجَهَةٌ كبرى
إبْحَارٌ ضدَّ التيَّارِ
صَلْبٌ.. و عَذَابٌ.. و دُمُوعٌ
و رحيلٌ بين الأقمارِ..
يقتُلُني جُبْنُكِ.. يا امرأةً
تتسلَّى من خلف ستارِ..
إنِّي لا أُؤمنُ في حُبٍّ
لا يحملُ نَزَقَ الثُوَّارِ..
لا يكسرُ كلَّ الأسوارِ
لا يضربُ مثلَ الإعصارِ..
آهٍ.. لو حُبُّكِ يبلَعُني
يقلَعُني.. مثلَ الإعْصَارِ..
إنِّي خيَّرتُكِ.. فاخْتَاري
ما بينَ الموت على صدري
أو فوقَ دفاتر أشعاري
لا تُوجدُ مِنْطَقَةٌ وُسْطَى
ما بين الجَنَّة و النارِ..
____________________________