إبليس يغادر بلادنا لغير رجعة
كان في غرفته, يلملم ملابسه في حقيبة إلى جانب باقي متعلّقاته, على المنضدة القريبة كانت استقالته موقّعة ومختومة حسب الأصول, وبجوارها تقبع ون-واي تيكت إلى جزر القمر.
كانت ملامح وجهه في تلك اللحظات تنطق بالحزن, الكآبة, الإحباط, اليأس, وقلّة الحيلة... مع دهشة مزمنة ارتسمت عليه منذ فترة ليست بالقريبة, واعترافٍ بالعجز والفشل.
إبليس راحلٌ عن بلادنا إلى غير رجعة... فليفرح المؤمنون...
- الى اين العزم ؟ لماذا تقوم بتوضيب أغراضك؟
- يارجل لم يعد لي مكان هنا لم يعد هناك سبب يدعو لذلك, منذ سنين وانا أبحث عن عمل بعد انقطاعي عن عملي السابق واذا استمر الوضع على حاله سوف أموت جوعا ,حتى أنني لا املك ثمن سيجاره واحده هل أجد واحدة معك؟
لم يعد لوجودي سبب, لم يعد ينفع بكم يا بني البشر وسواس أو خناس ! في الزمن الماضي كنت أوسوس للنساء بترك اولادهن الرضع باكيين بينما ينشغلن بالحديث والقيل والقال مع الجيران ,أما الآن ليس هناك حاجه فلقد أصبحن يرمين بأولادهن في حاويات القمامه وهم حديثي الولاده!
كنت أوسوس لأحدهم بأن ينسى البسملة على طعامه عند تناوله , أما الآن لم يعد احد يجد مايأكله ! حتى أنني أصبت بالتسمم على أثر أكل لحمة لست أعرف مصدرها و أصلها هذا و أنا إبليس ! ماذا أقول لك يا رجل
أيضا كنت أوسوس للشباب بمغازلة البنات في الشوارع , أما الآن أصبحت الفتيات هن من يلاحقن الشباب ويلقين على أسماعهم كلمات أخجل من ذكرها و أنا إبليس , لم يعد أحدكم بحاجة إلى إبليس؟!
حيث أنه يوجد فائض فساد في بلادكم يكفي ل 30 عاما أخرى على الأقل , و قد أصبحت أخشى على نفسي منكم!
حتى أنني أصبحت مضطرا لأن أوسوس للناس بالمقلوب , و أقول للمسؤول إرحم وللصوص يكفيكم اتركوا قليلا للصوص المنتظرين بعدكم !
أنتم قادرين على فعل كل هذه المصائب من دون حاجتي , أنا لم يعد لي هنا حاجة للبقاء , ماذا أفعل إن بقيت عندكم , ماذا أعمل سائق تكسي أم عطار أم ماذا ؟ أحيانا أفكر بالذهاب لدائرة الأوقاف الإسلامية كي يعينوني واعظا أو إمام جامع
ثمّ فتح الباب وانطلق خارجاً إلى غير رجعة
موضوع: إبليس يغادر بلادنا لغير رجعة 