gigi «.¸¸.•°°مشرف قسم·.¸.•°®»
عدد الرسائل : 10739
تاريخ التسجيل : 13/08/2008
| موضوع: ثرثرة قصة قصيرة الخميس يناير 15, 2009 2:09 pm | |
| بدأ هطول الأمطار خفيفاً … يبعث في النّفس الانشراح و السرور … ثم لم يلبث أن اشتدّ هطول الأمطار … و بدأ الناس في الإسراع و مُحاولة الاحتماء … انتحى رضوان بدوره و فتح مظلّته … و أخذ يُراقب حركة المارّة. مرّ من أمامه رجلٌ حسنُ الهندام … وسيم الملامح … لم يُؤثِّر الماء المنهمر على طريقة مشيه المتّزنة … سأله رضوان باهتمام : - "لم لا تحتمي من المطر مثلما يفعل الآخرون … ؟؟؟" أجاب ذلك الرجل : - "و لماذا أفعل ذلك ؟؟؟" قال رضوان : - "و هل من العقل أن تبقى تحت المطر … ؟؟؟" أجاب الرجل : - "أولى درجات الحُمق أن تعتقِد بأنّ عاقل …" ثم أضاف وهو ينصرِف : - "من يخاف زخّات المطر لا يُمكنه يوماً أن يعبُر البحر …" بقي رضوان مُندهشاً … حتى رأى كهلاً يجري مُهروِلاً نحوه … اقترب منه كثيراً … و زاحمه تحت مظلّته فسأله رضوان : - "من أنت … ؟؟؟" أجاب الكهل : - "ألا تعرفني ؟؟؟" قال رضوان : - "ربما نسيتُكَ … الأصحاب كُثُر … و الأيّام مِمحاة …" ضحك الكهل و قال : - "صدقْتَ … فنحن ننسى من شاركنا الضحك … لكنّنا لا ننسى من شاركنا البكاء … " ثم التفت ناحية الطريق … و انطلق يجرُّ أذيال خيبة بدت على وجهه … ساد الصمت بداخل رضوان للحظات بدت طويلة … استرجع خلالها صوراً كثيرة … لكن من بين تلك الصور أشرقت صورٌ مُتعدِّدة … و في مُحاولةٍ منه لمعرفة سر تلك الإشراقات أخذ رضوان يُردِّد : - "بعض الناس كالغذاء النافع … و بعضهم كالسّم الناقع …" ثم لم يلبث أن لمح من بعيد شاباً يسير بلامبالاة بما يدور حوله … كأنما يسبح في الخيال … ابتلَّت ملابسه … شعر رضوان بالشَّفقة نحوه و تمنّى لو شاركه الاحتماء بمظلّته … ثم لم يلبث أن توجّه ذلك الشاب نحوه بخطوات عابثة … نظر أليه تم قال : - "محظوظ أنت بهذه المظلَّة … عرفتَ كيف تتصرّف جيِّداً" أجاب رضوان : - "… الحياة تجارب" نظر إليه ذلك الشاب و ابتسامة ساخرة تعلو شفتيه و قال : - "التجارب يتحدّث عنها الناس حينما يتحدّثون عن أخطائهم …" قال رضوان : - "و لم لا تكون هذه التجارب نابعة من أفكار قيّمة" نظر إليه ذلك الشاب و قال : - "الناس مثلي … لا حظّ لهم في هذه الحياة … فلو اتَّجرتُ في الأكفان مثلاُ ما مات أحد … فلماذا أتعب و أكدّ … " ثم ولّى سائراً تحت المطر دون أن ينتظر جواباً !!! لاحظ رضوان أن المطر آخذٌ في الاشتداد … و ربما لا تصمد مظلّته المتهالكة كثيراً … بدأ يسير نحو الشارع الرئيسي … اشتدّ هطول الأمطار فلم يسعه سوى النداء : - "تاكسي … تاكسي …" توقّف التاكسي … ركب بسرعة … سأله السائق : - "إلى أين سيدي" أجاب رضوان : - "إلى يوم غد … لو سمحت !!! " | |
|