لحظات مطر...
****
اللحظة الأولى
يوم غائم جزئياً.. مع توقع لسقوط امطار شمال البلاد....
استمع عمر إلى التقرير الصباحي للطقس في محطة الراديو... وعلا وجهه استياء وتأفف
: يووه.. توقع
أمطار ايه وبتاع ايه..؟؟؟ فال الله ولا فالك .. ده انا لسه
مكلف غسيل العربية الشئ الفلاني.. عشان استقبل سفيرة النكد حماتي ؟؟
... وأشعل سيجارته وأكمل في حنق من بين دخانها : ..في الآخر تمطر أنا قلت وش
حماتي ييجي منه خير ؟؟؟ طب تيجي ازاااي ؟؟ ويبتسم نصف
ابتسامة ساخرة ..
يراقب بعيناه السماء... ويستمر في البرطمة والتمتمة.... لحظات وبدأ المطر في الهطول ..
!!
:: ::::
اللحظة الثانية***
رذاذ المطر يزين سماء القرية الرمادي.. ثم يشتد وقعه..فتخضر النباتات أكثر..وتلمع
أوراقها
تهرول سيدة بيضاء ممتلئة.. طيبة الوجه... هرولت لتخرج الى ساحة منزلها تجمع ما
نشرت من ملابس مغسولة... وتنظر ببراءة طفل الى حبات المطر..
لسانها يلهج بالدعاء ...ترفع يداها للسماء وقد إستظلت من المطر بسقف من الخوص وتدعوا : يارب.. نجح ووفق ولادي..
..
وتبتسم وتهمس محدثة نفسها : يا حبايبي دول زمانهم جايين من الامتحان
وجعانين.. أحضرلهم أكلة حلوة بأه... وتدخل مسرعة الى داخل البيت وعيناها
تكاد لا تفارقان منظر السماء و تدعو : سبحان الله ..يا كريم يارب
****
اللحظة الثالثة **
في بيت أنيق يزدحم بالناس ..ويزدحم بأصوات ..وهمسات ..وضحكات هنا وهناك
تبدو هي أجملهم.. وأسعدهم ...تحتضنها بأمومة سيدة لم تذبل السنين جمالها ..تحدثها
بصوت خفيض متأثر النبرة ..: مش مصدقة عينيا... امبارح مريم البنوتة اللي بفيونكات.. بقت عروسة وفرحها النهارده
وتتلألأ عيناهما بدموع فَرحَة ..
تنظر اليها مريم برقة وتقول : يا حبيبتي يا ست الكل..هتوحشيني ويوحشني البيت
.. ثم ينتبه الجميع على صوته
صوت زائر غير متوقع..
قطرات مطر تعلن عن وصولها بطرقات سريعة وقوية..
..تعلو الأصوات استعجاباً.. ويسرع البعض الآخر للاستمتاع برؤية القطرات الشفافة
دهشة المفاجأة كانت على مريم أكبر.. بعد ساعات عرسها.. نظرت الى السماء
و رددت : خير ..خير
!!
رددت أمها ورائها : يارب... وأكملت ماتخافيش يا قلب ماما فرحك هيكون أحلى فرح
وربتت على كتفها في حنان..
أمسكت مريم بكف أمها وهي تنظر الى نافذة الغرفة
وقد رسمت حبات المطر خطوطها عليها...وأغمضت عيناها وهي تتمتم بدعاء
من قلبها ... يارب أسعدني ..يارب
**
اللحظة الرابعة..
رفعت مها براد الشاي من على النار وذهبت لتوقظ زوجها المهندس حازم... : قوم يا حازم الحق...؟؟
قام وصاح بفزع ..: اييه.. ايه خير في حاجه ..؟؟
زوجته بهدوء : الدنيا بتمطر جامد وشكلك مش هتقدر تسافر أسكندرية النهارده
!!
ينهض حازم من سريره بسرعة.. يلتفت يمينه ليبحث عن نظارته الطبية..يلتقطها
ويخرج الى شرفة غرفة النوم ليرى مطراً قد أشتد.. وسماء ملبدة بغيوم رمادية
تنبأ باستمرار الأمطار..ويرى الناس تهرب في الشارع مسرعة إلى بيوتها
...
يراقب ويسرح بفكره..وتعلو وجهه نظرة ارتياح قائلاً : أحسن كان قلبي حاسس..أروح
اتصل أعتذر لهم هناك.. وأسافر يوم تاني..
!!
ويبتسم.. وتبتسم زوجته.. قالت له هامسة: تعرف ان من زمان ما قضيناش يوم مع بعض
!!
داعب وجهها برقة وقال ..: عارف... أنا هأعوضك النهارده..
!!
...........