بعد خروج مصر، ابتعد متابعو كأس القارات عن شاشات التلفاز خلال لقاء إسبانيا وأمريكا باعتباره محسوم سلفا، وقرر الجميع الاكتفاء بمشاهدة النهائي بين المتادور والبرازيل.
لكن المفاجأة جاءت بخروج إسبانيا على يد فريق دخل البطولة بدافع التجربة ليس إلا، والذي قد يثير الاهتمام في حالتنا هذه أن أمريكا وصلت لقبل النهائي من بوابة مصر.
فهل فازت أمريكا على مصر لأن منتخبها أفضل من أبطال إفريقيا؟ أم أن هناك خطأ مشتركا ارتكبه الفراعنة وإسبانيا، وأهدى رجال بوب برادلي بطاقة العبور للنهائي.
يسهل القول إن السر الحقيقي في فوز أمريكا على إسبانيا ومن قبلها مصر يتركز في أفضلية فريق اليانكيز على مستوى اللياقة البدنية من قوة وسرعة، لكن..
من الطبيعي جدا أن تتفوق مهارات المصريين والإسبان على قوة أمريكا، وإلا لتحولت كرة القدم لرياضة ينتصر فيها أكثر فريق يقضي عناصره وقتا في صالات الحديد.
السبب الحقيقي في خسارة مصر وإسبانيا أن المدربين حسن شحاتة وفيسنتي ديل بوسكي لم يأخذا في الاعتبار مميزات المنافس، وانتهجا خططا لا تتوافق مع أمريكا.
فبرغم نجاح مصر أمام إيطاليا والبرازيل بـ5-4-1، لعب المعلم بدفاع بلا عمق أمام أمريكا بمنح أحمد فتحي مهاما لا علاقة لها بالتمركز جوار وائل جمعة وهاني سعيد.
فأمام إيطاليا، وقفت كل اندفاعات نجوم الأتزوري حائرة أمام العمق الدفاعي المصري، بينما أمام أمريكا لم يستطع وائل جمعة أو هاني سعيد مجاراة اليانكيز.
وكانت النتيجة إهداء مصر لمنتخب أمريكا ثلاثة أهداف سهلة، خاصة وأن الخطأ الثاني للمعلم وديل بوسكي كان هوية اللاعب الذي شغل مركز الظهير الأيمن في تشكيلة الفراعنة وإسبانيا.
فبرادلي ينتهج اسلوبا عمليا للغاية في الهجوم بتكثيف أوراقه على جانب واحد وهو الجناح الأيسر، اعتمادا على قدرات الثنائي لاندون دونوفان وكلينت ديمبسي.
فأمام إيطاليا، وقفت كل اندفاعات نجوم الأتزوري حائرة أمام العمق الدفاعي المصري، بينما أمام أمريكا لم يستطع وائل جمعة أو هاني سعيد مجاراة اليانكيز.
وللأسف لم يفطن المعلم لذلك وأشرك أحمد المحمدي ذو النزعة الهجومية كظهير أيمن على حساب فتحي الذي عطل بقوته الدفاعية نجوما بحجم روبينيو وفابيو جروسو.
وبالمثل، اعتماد ديل بوسكي خط دفاع متقدم للغاية بل وترك الظهير سيرجيو راموس وحيدا في الجبهة اليمنى، ما فتح شارعا وراء نجم ريال مدريد شغله ديمبسي بنجاح.
ولو كان ديل بوسكي قد أضاف جناحا أمام راموس من بداية اللقاء مثلما يفعل في اليسار بوضع ألبرت رييرا وجون كابديفيا، لما فاز الأمريكان هجوميا على إسبانيا.
وفي حين يقلل المعلم وديل بوسكي من شأن أمريكا، نجح بوب برادلي في تحقيق ما عجز عنه الإسبان، لأنه درس خصومه بشكل ممتاز وعرف جيدا كيف يشل حركتهم.
فالمدرب الذكي كان يكلف مايكل برادلي برقابة أكثر لاعب في الفريق الخصم يجيد الاحتفاظ بالكرة، وذلك حتى يحرم المنافس دائما من حلقة الوصل بين الهجوم والوسط.
فقد خاض حسني عبد ربه لقاء أمريكا كاملا تحت رقابة برادلي، وفي ظل غياب محمد حمص عن تشكيل الفراعنة لم يجد لاعب أهلي دبي من يسعفه تحت الضغط الأمريكي.
والنتيجة أن تمريرات عبد ربه جاءت كلها للوراء أو عند ظهيري الجنب، ما حرم مصر من صنع هجمة منظمة، بل وأنجحت كل محاولة ضغط من الفريق الأمريكي.
هذه النقطة فطنت إليها أكثر في مباراة إسبانيا وأمريكا.
فبداية لم أفهم لماذا يصرح بوب برادلي بأن أهم أوراق مصر هي حسني عبد ربه، لكني أدركت ما يرمي إليه حين أعاد الفضل في الفوز على إسبانيا لحسن رقابة شابي.
وباختصار، كرة القدم حاليا باتت لا تعترف بالفوارق الفردية بين الفرق، وإن لم يبذل المدربين جهدا في دراسة الخصوم - حتى لو كان المنافس بضآلة أمريكا - فلا يجب أن يلوموا اللياقة البدنية بعد الخسارة.