من قصص وطرائف ونوادر العرب
من قصص وطرائف ونوادر العرب ؛ --------------------------------------------------------------------------------
-
-
من قصص العرب
كرم أوس بن حارثة
حدث عمرو بن العلاء فقال : جلس النعمان بن المنذر وعليه حلة مرصعة
بالــّدر ، لم يـُر مثلها قبل ذلك اليوم ، وأذن للعرب ، في الدخول عليه ،
وكان فيهم أوس بن حارثة ، فجعلت العرب تنظر إلى الحـُلة ، وكل منهم يقول
لصاحبه : ما رأيت مثل هذه الحلة قط ، ولا سمعت أن أحدا ً من الملوك قدرّ
علي مثلها ، وأس بن حارثة لا ينظر إليها ، فقال له النعمان : ما أرى كل من
دخل عليّ إلا أستحسن هذه الحـُلة ، وتحدث مع صاحبه في أمرها إلا أنت ، ما
رأيتك استحسنتها ولا نظرتها .
قال أوس : أسعد الله الملك ، إنما أستحسن الحـُلة إذا كانت في يد التاجر ،
وأما إذا كانت على الملك وأشرق فيها وجهه ُ فنظري مقصور عليه لا عليها ،
فأسترجع عقلهُ.
فلما عزموا على الانصراف قال لهم النعمان : اجتمعوا إليّ في غد فإني
مُلبسٌ هذه الحلة لسيد العرب منكم ، فانصرف العرب عنه ُ ، وكل يزعم أنه
لابس الحلة .
فلما أصبحوا تزينّوا بأفخر الملابس وتقّلدوا بأحسن السيوف ، وركبوا أجّود
الخيل ، وحضروا إلى النعمان ، وتأخر عنه أوس بن حارثة ، فقال له أصحابه :
مالك لا تغدو مع الناس إلى مجلس الملك ، فلعلك تكون صاحب الحُلة ، فقال
أوس :إن كنت سيد قومي فما أنا بسيّد العرب عند نفسي ، وأن حضرت ولم آخذها
انصرفت منقوصا ً ، وإن كنت المطلوب لها فسيُعرف مكاني ، فأمسكوا عنه .
ونظر النعمان في وجوه القوم ، فلم ير أوس بن حارثة ، فأستدعى بعض خاصته ،
وقال : أذهب لتعرف خبر أوس ، فمضى رسول النعمان ،واستخبر بعض أصحابه ،
فأخبره بمقالته ، فعاد إلى النعمان ، فأخبره بذلك ، فبعث النعمان إليه
رسولا ً، وقال :أحضر آمنا ً مما خفت عليه ، فحضر أوس بثيابه التي حضر بها
بالأمس ، وكانت العرب قد استبشرت بتأخره خوفاً م أن يكون هو الآخذ للحلـُة
.
فلما حضر وأخذ مجلسه ، قال له النعمان : إني لم أرك غيّرت ثيابك في يومك ،
فألبس هذه الحُــلة تستجمل بها ، ثم خلعها وألبسه إياها ، فأشتد ذلك على
العرب وحسدوه ، وقالوا : لا حيلة لنا فيها ، إلا أن نرغب إلى الشعراء أن
يهجوه بقبيح الفعل ، فإنه لا يخفض رفعته إلا الشعر ، فجمعوا فيما بينهم
خمسمائة ناقة ، وأتوا بها إلى رجل يقال له جرول ، وقالوا له : خذ هذه ،
وأهج لنا أوس بن حارثة .
وكان جرول يومئذ أشعر العرب وأقواهم هجاء ، فقال لهم : يا قوم ، كيف أهجو
رجلا حسيبا ً لا يُنكر بيته ، كريما ً لا ينقطع عطاؤه ، فيصلا ً ، لا يطعن
على رأيه ، شجاعاً لا يُظلم نزيله ، محسنا ً لا أرى في بيتي شيئاً إلا من
فضله .
فسمع ذلك بشر بن أبي خازم ، وكان شاعراً فرغب في البذل ، وأخذ الإبل وهجاه
، وذكر أمّه سُعدى ، فسمع أوس بذلك ، فوجّه في طلبه ، فهرب وترك الإبل ،
فأتوا بها إلى أوس بن حارثة ، فأخذها وشد في طلبه ، وجعل بشر بن أبي حازم
يطوف في أحياء العرب يلتمس عزيزاً يجيره ُ على أوس ، وكل من قصده ُ يقول :
قد أجرتك إلا من أوس بن حارثة ، فإني لا أقدر أن أُجير عليه ، وكان أوس قد
بث عليه العيون ، فرآه بعض من كان يرصده ُ ، فقبض عليه ، وأتى به إلى أوس
، فلما مثُل بين يديه قال له : ويلك أتذكر أمي وليس في عصرنا مثلها ؟.
قال : قد كان ذلك أيها الأمير ؟ فقال : والله لأقتُلنّك قتلة تحيا بها سُعدى .
ثم دخل أوس إلى أمه سُعدى ، وقال : قد أتيتك بالشاعر الذي هجاك ، وقد آليت
لأقتلنه قتلةً تحيين بها ، قالت يا بني : أو خير من ذلك ، قال وما هو ،
قالت: إنه لم يجد ناصراً منك ، ولا مجيرا عليك ، وإنها قوم لا نرى في
اصطناع المعروف من بأس ، فبحقي عليك إلا أطلقته ، ورددت عليه إبله ،
وأعطيته من مالك مثل ذلك ، ومن مالي مثله وأرجعه إلى أهله سالما ً ، فإنهم
أيسوا منه ، فخرج له أوس ٌ ، وقال : ما تقول أني فاعل بك ؟ .
قال : تقتلني لا محالة .
قال : أفتستحق ذلك ؟ قال : نعم .
قال : إن سُعدى التي هجوتها قد أشارت بكذا وكذا ، وأمر بحل كتافه ، وقال له : انصرف إلى اهلك سالما ً ، وخذ ما أمرت لك به .
فرفع بشر يده إلى السماء وقال : اللهم أنت الشاهد عليّ ألا أقول شعرا ً إلا أن يكون مدح في أوس بن حارثة .
ومن طرائف العرب
أقضي لك إحداهما
جاء رجل إلى ثمامة بن أشرس فطلب أن يسلفه ويؤخره ، فقال له : هذه حاجتان ، فأنا أقضي لك أحداهما .
قال : قد رضيت .
قال : فأنا أؤخرك ما شئت ولا أسلفك !.
ومن نوادر العرب
من نوادر الجاحظ لكن في البداية من هو الجاحظ :
ترجمته : أبو عثمان (عمرو بن بحر بن محبوب )، والجاحظ لقب أطلق عليه لجحوظ
في عينيه ، ولد في البصرة حوالي عام 159 ه ، ويقال 163 ه ، في أسرة فقيرة
، وتوفي أبوه وهو ما يزال طفلا غير أن ذلك لم يحل بينه وبين العلم
والاتصال بالعلماء والأخذ عنهم ، كان مشوه الخلقة، ومات والكتاب على صدره
قتلته مجلدات من الكتب وقعت عليه ، لقد عمّر الجاحظ طويلا ً ، فعاش ما
يقارب ستة وتسعين عاماً ، وتوفي عام 255 هـ ، بعد أن ترك عددا ً ضخما ً من
الكتب في حقول المعرفة المختلفة وأشهر هذه الكتب : الحيوان ، البيان
والتبيين ، البخلاء ، رسالة التربيع والتدوير ، وغيرها من الكتب .
ومن أهم خصائص أسلوب الجاحظ السخرية ، وهذه سمة تعيش في كتابات الجاحظ ، كما أنها كانت من صفاته الشخصية .
ومن نوادر الجاحظ :
ما رأيت شيطانا ً في حياتي
كان الجاحظ واقفاً أمام بيته ، فمرت قربة امرأة حسناء فابتسمت له ، وقالت : لي إليك حاجة .
فقال الجاحظ : وما حاجتك ؟ .
قالت : أريدك أن تذهب معي .
قال : إلى أين ؟.
قالت : أتبعني دون سؤال .
فتبعها الجاحظ إلى أن وصلا إلى دكان صائغ وهناك قالت المرأة للصائغ : مثل ها ! ثم انصرفت .
عندئذ سأل الجاحظ الصائغ عن معنى ما قالته المرأة ، فقال له لا مؤاخذة يا
سيدي ! لقد أتتني المرأة بخاتم ، وطلبت مني أن أنقش عليه صورة شيطان ،
فقلت لها : ما رأيت شيطانا ص في حياتي ، فأتت بك إلى هنا لظنها انك تشبهه .
--
يتبع بإذن الله في الجزء الثاني
--
ملاحظة :
ما قرأتموه الآن وبين أيديكم .. تجدونه في موسوعة قصص وطرائف ونوادر العرب
موسوعة قصص وطرائف ونوادر العرب
__________________