مع الزيادة الملحوظة في عدد النساء العاملات في السنوات الأخيرة والتي صاحبها تولي الكثيرات مناصب قيادية تتطلب قضاء ساعات عمل طويلة خارج البيت بدأت الاثار السلبية تظهر علي بيوتهن واسرهن في شكل تفكك أسري أو طلاق أو انحرافات سلوكية للأبناء نتيجة عدم معرفة كيفية الموازنة بين الاهتمامات العائلية وهمومهن الوظيفية.
والسؤال الذي يجب ان تطرحه المرأة العاملة الناجحة في حياتها الوظيفية هو كيف تستطيع ان تكون عادلة في توزيع وقتها بين الاسرة والعمل وكيف تحقق التوازن بينهما؟.
طرحنا هذا التساؤل علي د. آية ماهر استاذ الموارد البشرية بالجامعة الأمريكية بصفتها نموذجا للمرأة التي نجحت في تحقيق التوازن بين العمل والاسرة من خلال كونها استاذة جامعية وبطلة سباحة وناشطة اجتماعية وزوجة وام فقالت ان التوازن بين الاسرة والعمل اتجاه اداري حديث اشار اليه استاذ الادارة د. ستيفن كوفي في كتابه العادات السبع للإداري الناجح بعبارة اهمية موازنة الانشطة المختلفة في حياة الفرد لتحقيق انتاجية افضل.
كما اكدت معظم الابحاث التي اجراها علماء النفس والاجتماع ان ابناء الأم العاملة التي تستطيع تحقيق التوازن في حياتها يكونون في حالة افضل من اطفال الام المتفرغة.. ويرجع السبب في ذلك الي ان حياة الأم المتفرغة تنحسر داخل دور واحد هو الاسرة والبيت وتبالغ في التركيز معهم احيانا لدرجة تأتي بنتائج سلبية, فتنعزل عن العالم الذي تعيش فيه وتقل خبرتها في التعامل مع الناس وفي مواجهة المشاكل والازمات وتتأثر حالتها النفسية كلما كبر الابناء وقل الاعتماد عليها, فتشعر ان حياتها مليئة بالفراغ وتحول اهتمامها الي مراقبة زوجها وابنائها بشكل مبالغ فيه وينعكس ذلك سلبيا علي علاقتها بافراد اسرتها.
واكدت الدراسات ايضا ان المرأة العاملة المتوازنة تكون غالبا اكثر استقرارا ونشاطا من المرأة المتفرغة غير المتوازنة حيث تكون لديها فرصة تحقيق الذات من خلال النجاج في العمل والاحساس بالامان والاستقرار المادي والتنوع في انشطتها فتقدم لأبنائها مثالا طيبا علي كيفية تحقيق التوازن بين الانشطة المختلفة في حياتها, وتضيف د. آية ماهر ان المرأة التي تكرس كل وقتها لعملها دون مراعاة لأفراد اسرتها تنتقص الكثير من مقومات النجاح وعادة ما تعاني من شعور داخلي بالذنب وعدم تحقيق الذات لأن عملية تحقيق التوازن معناها اعطاء كل فرد حقه وعدم خلط الاشياء ببعضها.
ثم تقدم د. آية بعض الآليات التي تساعد المرأة العاملة علي تحقيق التوازن المطلوب في حياتها:.
* ترتيب الأولويات: نصيحة يجب ان تدركها المرأة هي انه لا يمكن تحقيق كل شئ في آن واحد ففي مرحلة حضانة الاطفال قبل سن المدرسة يجب ان تكون الاولوية الأولي لأطفالها ويمكن للمرأة في هذه الفترة ان تطور من نفسها من خلال تلقي بعض الدورات في مجالات مختلفة او الحصول علي مؤهل دراسي اعلي او ان تعمل بنظام مرن.. وبعد التحاق ابنائها بالمدارس يمكنها التركيز علي مستقبلها الوظيفي, دون أن يكون ذلك علي حساب اسرتها فالمرأة يجب ان تراجع اولوياتها في كل فترة وفقا لظروف اسرتها لتستطيع التوفيق بين العمل والاسرة وبعض الانشطة الاخري ولتحقيق توازنها النفسي الذي بدونه لا تستطيع التميز في عملها.
* التنوع في الانشطة: فنلاحظ في مصر ان معظم النساء لا يستطعن مزاولة اي نشاط آخر غير عملهن سواء كن موظفات أو ربات بيوت في حين ان الحياة العصرية تتطلب من المرأة القيام بعدة ادوار لأن التنوع في الانشطة يساعدها علي كسر الروتين اليومي وتقليل شعورها بالاجهاد والتعب الناتج عن الملل وليس عن الاجهاد الجسماني. لذلك لابد من ان تعظم الاستفادة من اي وقت تملكه لكي يستوعب جدولها الانشطة المتعددة... وهنا تكون البداية منذ الصغر حيث لابد من تشجيع الاباء والامهات الابناء علي مزاولة انشطة مختلفة الي جانب الدراسة والتواصل مع الثقافات المختلفة من خلال االسفر والرحلات لما لها من أثر قوي علي اكتشاف مهارات جديدة وتنمية الذكاء الاجتماعي لديهم.
* التفكير الايجابي دائما: حيث تتفق د. آية ماهر مع المؤلفة الأمريكية روندا برايت في كتابها الشهير السر والذي تؤكد فيه ان حياتنا من صنع تفكيرنا وإذا ارادت المرأة ان تكون ناجحة في عملها وسعيدة في حياتها الاسرية فإنها تستطيع ان ترسل كل الاشارات لذهنها بأن يكون كذلك وتنظر الي اي اخفاق او سلبيات في حياتها علي أنها مدخل للتحسن الدائم والاستفادة من الاخطاء وليس وسيلة للإحباط والانهزام.. فالتفكير الايجابي يمنحها التفاؤل الدائم وتقبل الاشياء.. وبالتالي تكون المرأة شخصية ايجابية لأفراد اسرتها والمحيطين بها.
* الواقعية في تحليل نقاط القوة والضعف.
.. فالمرأة الواقعية تحاول دائما تحليل نقاط الضعف والقوة في حياتها لأن ذلك يساعدها علي تحسين امور كثيرة في حياتها وعلي تقبل الواقع احيانا.
* اتباع المنهج الكيفي وليس الكمي في حياتها فالمهم هو كيفية تعظيم الاستفادة من اي وقت تملكه لأننا كثيرا ما نجد امرأة تشتكي من أنها ضحت بوظيفتها من اجل اسرتها في مرحلة معينة. ونكتشف انه لم يكن لها اضافة واضحة في هذه الفترة حيث لم تستغل وقتها مع اولادها الاستغلال الامثل.. في حين نجد امرأة عاملة متوازنة تستغل الاوقات القصيرة التي تقضيها مع اسرتها وابنائها افضل استغلال فتكون فعالة ومنتجة.
* الحرص علي مزاولة الرياضة: فالرياضة مهمة جدا للمرأة لتأثيرها الرائع علي حالتها المزاجية وحيويتها ونشاطها.
وبسؤال د. آية عن تفوقها في مجال السباحة وهل مازالت تزاولها حتي الآن؟ اجابت انها التحقت بتشجيع من والدها بفريق السباحة بنادي هليوبوليس منذ كانت في السابعة من عمرها وحققت ارقاما قياسية في سباحة الظهر والحرة علي مستوي الجمهورية ثم انضمت لمنتخب مصر ومثلتها دوليا في عدة بطولات ومثلت الجامعة الامريكية في بطولة الجامعات واستمرت تمارس هذه الرياضة بعد زواجها وانجابها لأبنائها وانضمت لفريق نادي هليوبوليس للاساتذة ولاقت هوايتها هذه تشجيعا من زوجها لأنه ادرك انها تساعد علي تحسين معنوياتها وتنعكس ايجابيا علي افراد الأسرة.. وفي النهاية لا يسعنا سوي ان نقول انه ليست كل امرأة عاملة ناجحة وليست كل امرأة متفرغة موفقة
.. فتحقيق التوازن مطلوب بين الاسرة والعمل او بين الاسرة والانشطة الاخري لأن ذلك هو الفيصل في تحديد نجاح او اخفاق امرأة عن اخري
موضوع: كلمة السر لـ نجاح المرأة فى المنزل و العمل !! 
