قصدوك وامتدحوا ودوني أغلقت
أبواب مدحك فالحروف عقام
أدنو فأذكر ما جنيت فأنثنــــي
وِزْرِي يكبّلني ويخرسني الأسى
فيموت في طرف اللسان كلام
يمّمت نحوك يا حبيب الله فـــي
شوق تقض مضاجعي الآثام
يا من ولدت فأشرقت بربوعنا
نفحات نورك وانجلى الإظلام
أأعود ظمآن وغيري يرتـــــــوي
أيرد عن حوض النبي هيام
كيف الدخول إلى رحاب المصطفى
والنفس حيرى والذنوب جسام
ماذا أقول وألف ألف قصيدة
عصماء قبلي سطرت أقلام
مدحوك ما بلغوا برغم ولائهم
أسوار مجدك فالدنو لمام
حتى وقفت أمام قبرك باكياً
فتدفق الإحساس والإلهام
يا ملء روحي وهج حبك في دمي
قبس يضيء سريرتي وزمام
حوربت لم تخضع ولم تخشَ العدى
من يحمه الرحمن كيف يضام
وملأت هذا الكون نوراً فاختفت
صور الظلام وقوّضت أصنام
الحزن يملأ يا حبيب جوارحي
فالمسلمون عن الطريق تعاموا
والذل خيّم فالنفوس كئيبة
وعلى الكبار تطاول الأقزام
الحزن أصبح خبزنا.. فسماؤنا
شجن وطعم صباحنا أسقام
أنى اتجهت ففي العيون غشاوة
وعلى القلوب من الظلام ركام
يا طيبة الخيراتِ ذلّ المسلمون
ولا مجير وضيّعت أحلام
يغضون أن سلب الغريب ديارهم
وعلى القريب شذى التراب حرام
باتوا أسارى حيرة تمزق
فكأنهم بين الورى أغنام
ناموا فنام الذل فوق جفونهم
لا غرو ضاع الحزم والإقدام
ودنوت مذهولا أسيراً لا أرى
حيران يلجم شعري الإحجام
____________
شعر نزار قبانى