الثقب الأسود..من هو؟ وماذا لو زارنا؟! --------------------------------------------------------------------------------
فيلم سينمائي حقيقي تابعه الفلكيون في شهر تموز 1994 أثناء رصد تحطم المذنب
(ليفي شوماخر) بعد تحطمه إلى 21 قطعة ثم سقوطه في غلاف المشتري..
كانت سرعة القطع تصل إلى حوالي 60 كم\ثا ولو افتضرنا أن قطر كل واحدة هي
1كم فإن الطاقة الناتجة عن ارتطام إحدى قطع النواة بغلاف المشتري إلى 6 تريليونات طن من المتفجرات أي أكثر من مليون رأس نووي!!كان (شوماخر) قد دخل منطقة تأثير جاذبية المشتري 1992 ودار حوله وتحطم
خلال ذلك إلى 21 قطعة تحت قوة الجاذبية الرهيبة.. والعجيب أن كل القطع احترقت
ي جو المشتري ؛حوالي1000 كم؛ ولم تصل إلى سطح الكوكب وقد تم رصد ذلك بواسطة مركبتي فويجر وجاليليو2 بالإضافة إلى تلسكوب هابل.
ذلك المنظر أراح الكثيرين من الناس فبوجود مثل هذا الحارس الشخصي للأرض
نستطيع أن نطمئن إلى عدم قدرة أي مذنب طائش الوصول إلينا ...
ولكن الكون مليء بالوحوش المهلكة وأقساها مكتشفاً حتى الآن هو الثقب الأسود
إنه ليس نجماً ميتاً أو بقايا نجم بل هو طور نجمي في شكلٍ أقوى وأكثر بقاء..
و الثقب الأسود مصطلح حديث نسبياً فقد صاغه العالم الأمريكي (جون هويلر)
كوصف تصويري لفكرة ترجع إلى مائتي عام .. فقد أورد أحد أساتذة كامبردج
عام 1783 وهو جون ميتشل ورقة بحث في ] التقارير الفلسفية للجمعية الملكية بلندن[ بين فيها أن النجم الذي يكون له قدر كاف من الكتلة سيكون له مجال
جاذبية من القوة بحيث لا يتمكن الضوء من الهرب منه وأي ضوء ينبعث من سطح النجم سيجرّ للخلف ..
وللتعرف على الثقب الأسود أكثر علينا أولاً أن نفهم دورة حياة النجم .. فالنجم يتكون
عندما تأخذ كرة من الغاز (هيدروجين في العادة ) في التقلص على نفسها بسبب شدّ
جاذبيتها و بينما هي تنكمش فإن ذرات الغاز تصطدم إحداها بالÃ***بتواتر أكثر فأكثر وسرعات أكبر فأكبر ويسخن الغاز في النهاية وتبلغ من السخونة أنه بدلاً من ترتد ذرات الهيدروجين بعد الاصطدام تتحول إلى ذرات هليوم والحرارة التي تنطلق
من هذا التفاعل هو ما يجعل النجم ساطعاً وتؤدي هذه الحرارة الإضافية أيضاً إلى
زيادة ضغط الغاز حتى يصبح الضغط كافياً للتوازن مع شدّ الجاذبية ويتوقف الغاز
عن الانكماش وتظل هكذا زمناً طويلاً وحرارة التفاعلات النووية توازن شد ّالجاذبية
ولكن في النهاية عندما ينفد ما لدى النجم من هيدروجين وغير ذلك من الوقود الذري
فإنه يبرد ويبدأ بالانكماش ثانية وعندما يصبح صغيراً فإن جسيمات المادة تصبح قريبة جداً من بعضها عندها تكون لها سرعات مختلفة مما يجعلها تتحرك مبتعدة عن النجم وهكذا فإنها تنزع لأن تجعل النجم يتمدد ولكن بوجود شد الجاذبية يبقي النجم
نفسه في نصف قطر ثابت تماماً مثلما كانت الجاذبية تتوازن بالحرارة فيما سبق من حياته.
ولكن طالباً جامعياً هندياً يدعى (تشاندرا سيخار) تبين أن هناك حدّا للتنافر و نسبية
(آينشتين ) تحدد أقصى فارق في سرعات جسيمات للمادة في النجم بأنه سرعة الضوء وقد حسب (تشاندرا سيخار) أن نجماً بارداً تزيد كتلته على ما يقرب من ضعف كتلة الشمس بمرة ونصف لن يتمكن من الإبقاء على نفسه ضد جاذبيته
(يعرف هذا الحد الآن بحد تشاندرا سيخار) وهكذا فعند تجاوز كتلة النجم هذا الحد تتغلب جاذبيته على تنافر مادته وتصبح من القوة بحيث لا يستطيع حتى الضوء أن
يهرب منه فيصبح هذا النجم غير قابل للرصد... ولكن العلماء يرصدون فعله وبالتالي
يقدّرون مكانه فعند مرور الضوء في مجال أفق الحدث(حد الثقب الأسود) فإنه يرتبك
مما يجعله أكثر إعتاماً واحمراراً وممن رصد ذلك (أندريا غينر) في مرصد كيك (هاواي) عند مرور الثقب الأسود أمام عدد من النجوم في قلب مجرتنا...كذلك( جون آكسترود) من جامعة كامبردج اكتشف ثقباً أسود بعد ثمانية سنوات من الدراسة عند
مروره أمام نجم صغير في عمق الكون.
والآن .. إذا افترضنا أن ثقباً أسود مرّ بالقرب من مجموعتنا أو بالأحرى مرّ عبرها..
وعلى فرض أن أول من تلقاه كان حارس الأرض الشخصي (المشتري) وتكون الأرض وقتئذٍ على الطرف المغاير أي الشمس بيننا و بينه سيكون لدى العلماء مشاهدة ابتلاع الثقب للمشتري وتحطيم جاذبيته الهائلة في نظرنا والتي أبهرتنا عند اصطدام المذنب بغلافه .. ثم يمضي الثقب الأسود باتجاه الشمس مولّدة حياتنا وسيكون سكان الأرض مدعوين لمشاهدة عرض لا مثيل له ... ستبدأ الشمس في التحول إلى شكل كمثرى طرف دائري و طرف مثلثي تقريباَ رأس المثلث عند
أفق الحدث ويبدأ الجر شيئاً فشيئاً وتسخن عندها الشمس وتحرر طاقة اندماجية
؛أثناء الساعة التي سيحتاجها الثقب الأسود لابتلاع الشمس ؛ ستحرر ما يعادل ما كانت ستحرره في مائة ملين سنة واستفحال الضغط سيجبر الغاز على الخروج منها
بسرعات أعلى بكثير من سرعة إفلات الكواكب من جاذبية الشمس... وأخيراً الشمس في خبر كان أما الأرض فإن أهلها سيكونون قد رأوا ثوان معدودة مما حدث وبسبب دمار الشمس وانتهاء ما كان يجذب الأرض والكواكب الÃ***فسيهرب من لم يقع في جاذبية الثقب في الفضاء بين النجمي وقد تنجو الأرض قبل أن تدخل في أفق الحدث لكن محيطاتها وجوها ستكون قد غلت وتبخرت وتبدأ بالطواف حول المجرة
من دون أن تؤوي أي نوع من أنواع الحياة .
أما الثقب الأسود فلن يتأثر بما حدث وسيكون قد حصل على عقد لؤلؤ من بضعة أجزاء من المائة من كتلة الشمس في شكل قرص حول أفق الحدث...
سيكون المشهد مروّعاً جداً في حال حدوثه وإن كان احتمال ذلك مستحيلاً في المدى القريب ولكن لا أحد يعلم ماذا سيحدث في المستقبل البعيد؟ ومن المهم جداً تذكّر أن
العلماء تنبئوا بوجود الثقب الأسود حسب نظرياتهم ثم صاروا يبحثون عنه في الفضاء لإثبات نظريتهم التي أصبحت الآن شبه حقيقة علمية، إنه خيال العلم المنطقي المتفرد به الإنسان عن سائر المخلوقات والأداة الأهم في في محاولة الإنسان لفهم أسرار الكون.