ذات يوم ، استولى ثعلب على صوص دجاج من داخل مدجنة واختبأ وراء شجرة عناب
ليمتع نفسه بلحم الصوص الطري . لكن العقعق الحكيم اكتشف مخبأ الثعلب ،
فعاتبه على فعله الشنيع :
- لماذا تقطف أرواح الخلائق بدون وجه حق ؟
فأجابه الثعلب مدافعا عن نفسه :
- أنا أقوم بواجبي . لقد عاقبت هذا المارق الذي أزعج الأمن العام .
إن هذه الحيوانات تتخبط داخل مياه البرك في فصل الصيف ، فتكدرها حتى أنه لم
يعد في المستطاع شرب المياه الصافية .
لكن ليس الفراريج من يكدر مياه البرك فالغلطة – إن كانت هناك غلطة - يعود
وزرها على الإوز لا على الدجاج يا ثعلب . وإن كان من حقك أن تعاقب ، فعاقب
الإوز .
- هذه الفراخ أشنع من الإوز . فما أن ينبلج نور الفجر ، حتى يبدأ الديك في
الصياح وفي تكدير هدوء الصباح .
أنا لن أتسامح أبدا مع هذا الإزعاج .
- إذا أزعج نومك صياح الديكة ، فمن حقك أن تنتقم منها هي لا من هذا الصوص
البريء الذي تخنقه الآن بمخالبك .
- أنا أمقت الدجاج أكثر من الديكة . أليست هي من وضع البيض ومن حضنه حتى
خرج للعالم هذا الطوفان من الطيور الصغيرة التي يعيث فسادا في حقول القمح .
- أنت مسخرة سيدي الثعلب ، فما عاد يعنيك استتباب الأمن العام فقط ، بل صرت
تهتم أيضا بمصير قمح الحقول .
- إن هذا الصوص الصغير غير قادر على البيض ، أليس كذلك ؟
- اصمت |أيها العقعق . فهذا الصوص عاجز الآن عن البيض والحضانة ، لكنه
سيصبح في قادم الأيام قادرا على الإتيان بمثل هذه الأفعال . فلا تكثر من
الثرثرة فوق الشجرة وتعال هنا قريبا مني إن كنت حقا جسورا حتى تسمعني
انتقاداتك هذه .
إلا أن العقعق الحكيم الذي فهم نية الثعلب فضل أن يترك بينهما مسافة أمان .
وعاش من عرف قدر نفسه .