يالهما من عصفورين جميلين استيقظا مبكرًا يطلبان
الرزق ويبنيان العش الجديد فوق شجرة
جميلة أعجبهما منظرها ..... ظلها الوارف .. أغصانها
ذات اللون الأخضر الساحر ... طولها الفارع الممتد في السماء ..... أزهارها
الحمراء الجذابة ...
إنه حقًا مكان رائع لبناء العش الصغير ....
طار العصفوران يجمعان القش ويبنيان العش ... إنه عمل
صعب ومتعب ولكنه يسعدهم كثيرًا ... كان يومًا شاقًا ولكن بعون الله انتهى
العمل وتم البناء .....
ووضعت العصفورة بيضها ....
قال العصفور مبتهجًا : (( يالسعادتي أيتها الحبيبة
... قريبًا جدًا سأرى صغاري الأعزاء )) ..
ردت العصفورة وقد نصبت وجهها في وجه عصفورها الجميل :
(( سنعيش أسعد الأيام مع صغارنا في هذا العش الجميل )) ........
*****************
أصبح العصفوران يغردان يملؤهما الأمل والتفاؤل بما
ينتظران من بشرى سارة ..... خرجا يبحثان عن طعام لهما ..... وعندما رجعا
ياللسعادة الغامرة ... هاقد فقس البيض وخرجت الأفراخ ..... يالمنظرهم
الجميل ...
حُسن الطفولة يبدو عليهم ...
عبيرها يفوح ... يملأ المكان بهجة وسرورًا ...
إنهم لا يكفون عن الصياح ... ولكنه صياح جميل ...
تتراقص على أنغامه الأزهار ... كأنها تحس بما يملأ
فؤاد الأبوين من فرحة غامرة ... فتشاطرهم الإحتفال بهذا اليوم السعيد ...
إنه صوت روح جديدة هلت على الدنيا ....
إنه صوت ميلاد الحياة ........
وبينما هم هذه الحال من الرقص والغناء والبهجة
والإحتفالات ...
إذ حدثت مفاجأة مفزعة ....
أحلت السكون بالمكان ....
مالذي يجري ؟؟!! ....
إنها الشجرة تهتز ....
تهتز بشدة ...
من ذا الذي يفعل هكذا بشجرة جميلة كهذه ... ما تلك
القسوة التي حلت ببني الإنسان .... لو رأى ذلك الآثم تلك الأفراخ الجميلة
الصغيرة لما فعل فعلته هذه .... لما أفزع براءة الطفولة المتجسدة في صغار
العصفورين ... أبدًا ... ولكنه قد يكون زلزالا ! ... ربما ..
ولكن ماالحل الآن ؟! ...
أين يذهب العصفوران ! ... إنه عشهما الجميل الذي
بنياه بعد جهدٍ وصبر .... كيف يضيع هكذا في غمضة عين ... والصغار ... ما
مصيرهم ؟ ... كيف سيُحمَلون ؟ ... لو سقطت الشجرة سيهلكون .... سيذهبون إلى
غير رجعة .... لا .... لا يمكن أن تكون هذه هي النهاية .... تتعالى صيحات
الصغار .... يا صغاري الأعزاء .... ماحيلتكم .... ياللمصير البائس الذي
ينتظركم .... لم تَسعدوا بعد بالحياة .... لم تطيروا بعد بأجنحتكم الصغيرة
... لم تروا لون الحياة الواسعة .... يالها من نهاية مؤلمة .... ياله من
فزع رهيب يتسلل بين أغصان الشجرة .... يَسري في جِذرها ....
في ساقها ....
في أغصانها ....
في أزهارها ....
***********************
انطلق العصفوران .. يتلمسان الخبر في الخارج ....
نظرا نظرة المفجوع الحزين .....
إنها جماعة من الرجال ... قساة القلوب .... منزوعي
الرحمة .... كأنما قُدّت قلوبهم من صخر أو حجر جلمد ....
جاءت تجتث الشجرة من فوق الأرض ...
إنه مشهد النهاية ...
البيت السعيد يتهاوى ...
العش الصغير يتهدم ....
الحلم الصغير يموت ...
يموت ...
والصغار ....
وداعًا صغاري ....
ترقرقت الدموع في عيني العصفورين .....
القيا نظرة الوداع ...
وطارا بعيدًا ....
لقد سقطت
الشجرة ......