عندما
امتلأ المكان برائحة المحاليل والمطهرات الطبية تلاشت الكلمات وسط ضباب من
الحزن والقلق ، الموت المرتقب يأتى زائرا مع كل لحظة تمر تتنهد تجفف العرق
من فوق جبينه وجبينها ،أصبحت لا تقوى على متابعة تلك الأجسام المتهالكة
التى تتهاوى عند كل محاولة منه للوقوف . تخارت قواها وكأنها كيان يحتضر ،فى
ذلك الركن البعيد عن الأعين يرقد حلمها يتألم فيتسرب الألم حيث تكون ،
أصابت يدها رعشة جعلتها غير قادرة على مداواته وتحمل المزيد . تسرح فى
عينيه المنكسرة لحظات تستعيد بها يوم ولادته ذلك اليوم الذى رأت فيه ميلاد
حلم جديد وأمل كادت أن تلمسه بيدها الى أن القدر اتخذ طريقه وكان مخالفا
لأمالها عندما هاجمه المرض معلنا تحطيم ذلك الكيان أغلقت عينيها وتركت
الدموع تنساب منها وهى تردد " كنت حريصة على أمنحك الأمان والحب فلتلتمس لى
العذر لم أعد أملك سوى الحب الذى أمنحه لما تبقى من حياتك ، أزالت الدموع
من عينيها ملقيه ببصرها تجاه تلك الأجسام المتهالكة التى كانت ذات يوم تنبض
بالحياة ،بداخلهم رغبات منهم من كان يسعى لتحقيقها والبعض كان يحاول
وآخرون حققوا تلك الرغبات بعد عناء وصبر طويل . كانت ترى فى عيونهم ضحكات
وآمال أما الآن لم تعد ترى سوى دموع تبحث عن ملامح صاحبها وبقايا كيان لم
يكتمل .