gigi «.¸¸.•°°مشرف قسم·.¸.•°®»
عدد الرسائل : 10739
تاريخ التسجيل : 13/08/2008
| موضوع: امام القانون .. السبت نوفمبر 21, 2009 3:50 pm | |
| أمام القانون....قصة قصيرة
..... لفرانتس كافكا...... ترجمة:يوسف إسماعيل شغري
إهداء: إلى روح أخي الأديب المهندس محمد شغري الذي كان يعشق كافكا فقدم هذه الترجمة ... أمام القانون، يقف بواب. جاء رجل من الريف إلى هذا البواب, و رجاه السماح له بالدخول إلى القانون. لكن البواب قال: إنه لا يستطيع أن يمنحه السماح في هذه اللحظة. قلّب الرجل الأمر في نفسه, و سأل إذا يُسمَح لهُ بالدخول فيما بعد. "ذلك ممكن" قال البواب " ولكن ليس في هذه اللحظة" . و لأن البوابة تنتصب مفتوحة كالعادة, و البواب خطا إلى جهة واحدة, زحف الرجل ليتلصص عبرالبوابة إلى الداخل. ضحك البواب الذي لحظهُ, و قال: " إذا كنت منجذباً إليه جداً, فقط حاول أن تدخل رغم " الفيتو " مني. لكن انتبه: أنا قوي. و أنا فقط الأقل قوة بين البوابين! فمن قاعة إلى قاعة هناك بواب بعد آخر. و كل واحد أكثر قوة من الذي قبله. فالبواب رهيب جداً لدرجة أنني لا أستطيع أن أتحمل النظر إليه !!". هذه الصعوبات لم يتوقعها الرجل القادم من الريف. فالقانون, كما يعتقد ينبغي أن يكون بالتأكيد متاحاً في كل الأوقات لكل إنسان. و لكنه الآن بعد أن أخذ نظرة أقرب للبواب و لمعطفه ذي الفراء, بأنفه الكبير الحاد ّو لحيته التترية الطويلة السوداء الخفيفة, قرر أنه من الأفضل له أن ينتظر حتى يحصل على الإذن له بالدخول. أعطاه البواب كرسياً و تركهُ يجلس عند جانب واحد من الباب. و هناك جلس لأيام و سنوات! و قد قام بمحاولات عديدة ليسمح له بالدخول حتى أقلق البواب بإلحاحه. كان البواب يقابله لفترة قصيرة مراراً و تكراراً فيسألهُ أسئلة عن بيته و أمور أخرى كثيرة. لكن الأسئلة كانت موضوعة بلا مبالاة, كما وضعها السادة العظماء, والتي كانت تنتهي بعبارة تقول: إنه " لا يستطيع الدخول بعد " و قد ضحّى الرجل الذي كان قد زود نفسه بأشياء عديدة لرحلته بكل ما يملك حتى الغالي منها ليرشو البواب. و قد قبل منه البواب كل شئ و لكن دائماً مع ملاحظة " إنني آخذها فقط لأمنعك من التفكير أنك تجاوزت أي شئ!!" وخلال السنوات العديدة, ثبّت الرجل انتباهه تقريباً باستمرار على البواب. لقد نسي البوابين الآخرين, و هذا البواب يبدو له العقبة الوحيدة التي تمنعه من الدخول إلىالقانون. فلعن حظهُ السيئ بجرأة و بصوت قوي في سنواته الأولى . ومع تقدمه في السن, صار يشكو لنفسه فقط . لقد أصبح صبيانياً بسبب تفكره وتأمله الطويل في أمر البواب حتى توصل أن يحصي حتى القمل في فراء قبة معطفه! صار يتوسل للقمل كذلك أن يساعده ليستطيع تغيير موقف البواب! و بعد مدة طويلة بدأ بصره يخبو. و صار لا يعرف أن العالم صار فعلاً أكثر ظلاماً أو أنَّ عينيه كانت تخدعانه فقط ! و مع كل ذلك , و ضمن ظلامه, يهتمّ الآن بإشعاع يتدفق قوياً بحيث لا يمكن محوه من بوابة القانون. الآن, لم يبقَ له أن يعيش لمدة طويلة. و قبل أن يموت, راحت كل تجاربه وخبراته خلال هذه السنوات الطويلة تتجمع في رأسه كنقطة واحدة على شكل سؤال لم يسأله للبواب. لوّح للبواب أن يقترب منه أكثر لأنه لم يعد قادراً على رفع جسده الواهن المتألم. كان على البواب أن ينحني للأسفل تجاهه نظراً للفرق بالطول بينهما فقد تغيرالفرق كثيراً ليس لصالح الرجل. سأل البواب: " ماذا تريد أن تعرف؟" قال الرجل: " أنت لا يمكن إرضاؤك فكل إنسان يجاهد للوصول للقانون. إذن كيف حدث أنه لكل هذه السنوات الطويلة الكثيرة لا أحد سواي أبداً قد رجا أن يسمح له بالدخول؟" لاحظ البواب أن الرجل وصل لنهايته, وليترك حواسه المنهارة تلتقط الكلمات, زأر في أذنه: " لاأحد يسمح له بالدخول هنا لأن البوابة كانت مبنية خصيصاً لكَ ! و الآن سوف أقوم ُبإغلاقها."
| |
|