هل تنبأ نزار قباني بما سيمر بالعراقيين منذ ذلك الحين؟
قصيدة غير منسية لنزارقباني
'عندما يسقط متعب ابن تعبان فيامتحان حقوق الانسان'
القاها الشاعر الكبير نزار قباني في مهرجان
المربدالخامس في بغداد عام 1985
وقد احدثت ضجة كبيرة داخل الاوساط الادبية
لجرأتها فيحيناها
ترى هل تنبأ نزار قباني بما سيمر بالعراقيين منذ
ذلك الحين؟ أللهأعلم
الشاعر: نزار قبانى
مواطنون دونما وطن
مطاردونكالعصافير على
خرائط الزمن
مسافرون دون أوراق ..وموتى دونما كفن
نحنبغايا العصر
كل حاكم يبيعنا ويقبض الثمن
نحن جوارى القصر
يرسلوننا من حجرةلحجرة
من قبضة لقبضة
من مالك لمالك ومن وثن الى وثن
نركضكالكلاب كل ليلة
من عدن لطنجة
ومن طنجة الى عدن
نبحث عنقبيلة تقبلنا
نبحث عن ستارة تسترنا
وعن سكن.......
وحولنا أولادنا
احدودبت ظهورهموشاخوا
وهم يفتشون في المعاجم القديمة
عن جنة نظيرة
عن كذبةكبيرة ... كبيرة
تدعى الوطن
مواطنون نحن فى مدائن البكاء
قهوتنا مصنوعة من دم كربلاء
حنطتنا معجونة بلحمكربلاء
طعامنا ..شرابنا
عاداتنا ..راياتنا
زهورنا ..قبورنا
جلودنا مختومة بختم كربلاء
لا أحد يعرفنا فى هذهالصحراء
لا نخلة... ولا ناقة
لا وتد ..ولا حجر
لا هند ..لاعفراء
أوراقنا مريبة
أفكارنا غريبة
أسماؤنا لا تشبهالأسماء
فلا الذين يشربون النفط يعرفوننا
ولا الذين يشربون الدمعوالشقاء
معتقلون داخل النص الذى يكتبهحكامنا
معتقلون داخل الدين كما فسره إمامنا
معتقلون داخل الحزن ..وأحلى ما بنا أحزاننا
مراقبون نحن فى المقهى ..وفى البيت
وفىأرحام أمهاتنا
حيث تلفتنا وجدنا المخبر السرى فى انتظارنا
يشرب منقهوتنا
ينام فى فراشنا
يعبث فى بريدنا
ينكش فىأوراقنا
يدخل فى أنوفنا
يخرج من سعالنا
لساننا ..مقطوع
ورأسنا ..مقطوع
وخبزنا مبلل بالخوف والدموع
إذا تظلمنا إلىحامى
الحمى
قيل لنا : ممنـــوع
وإذا تضرعنا إلى رب السما
قيللنا : ممنوع
وإن هتفنا ..يا رسول الله كن فى عوننا
يعطوننا تأشيرة منغير
ما رجوع
وإن طلبنا قلماً لنكتب القصيدة الأخيرة
أو نكتب الوصيةالأخيرة
قبيل أن نموت شنقاً
غيروا الموضوع
يا وطنى المصلوبفوق
حائط الكراهية
يا كرة النار التى تسير نحو الهاوية
لا أحد منمضر ..أو من
بنى ثقيف
أعطى لهذا الوطن الغارق بالنزيف
زجاجة مندمه
أو بوله الشريف
لا أحد على امتداد هذه العباءةالمرقعة
أهداك يوماً معطفاً أو قبعة
يا وطنى المكسور مثل عشبة الخريف
مقتلعون نحن كالأشجار من مكاننا
مهجرون من أمانيناوذكرياتنا
عيوننا تخاف من أصواتنا
حكامنا آلهة يجرى الدم لأزرق فىعروقهم
ونحن نسل الجارية
لا سادة الحجاز يعرفوننا ..ولا رعاع البادية
ولا أبو الطيب يستضيفنا ...ولا أبو العتاهية
إذا مضىطاغية
سلمنا لطاغية
مهاجرون نحن من مرافئ التعب
لا أحديريدنا
من بحر بيروت إلى بحر العرب
لا الفاطميون ..ولا القرامطة
ولا المماليك …ولا البرامكة
ولا الشياطين ..ولاالملائكة
لا أحد يريدنا
لا أحد يقرؤنا
فى مدن الملح التى تذبحفى
العام ملايين الكتب
لا أحد يقرؤنا
فى مدن صارت بهامباحث
الدولة عرّاب الأدب
مسافرون نحن فى سفينةالأحزان
قائدنا مرتزق
وشيخنا قرصان
مكومون داخل الأقفاصكالجرذان
لا مرفأ يقبلنا
لا حانة تقبلنا
كل الجوازات التىنحملها
أصدرها الشيطان
كل الكتابات التى نكتبها
لا تعجب السلطان
مسافرون خارج الزمان والمكان
مسافرون ضيعوا
نقودهم ....وضيعوا متاعهم
ضيعوا أبناءهم ..وضيعوا
أسماءهم..وضيعواإنتماءهم...
وضيعوا الإحساس بالأمان
فلا بنو هاشم يعرفوننا ..ولا بنوقحطان
ولا بنو ربيعة ..ولا بنو شيبان
ولا بنو 'لينين' يعرفوننا ..ولا بنو 'ريجان'
يا وطنى ..كل العصافير لها منازل
إلا العصافيرالتى تحترف
الحرية
فهى تموت خارج الأوطان