بسم الله الرحمن الرحيم
ثمة فجوة كبيرة في التواصل بين الأجيال ؛ وذلك لأن لكل جيل آمال وأحلامه
وطموحاته , فأحلام الشباب وطموحاتهم تختلف اختلافاً كبيراً عن أحلام
وطموحات الشيوخ .
فالشاب تتمحور اهتماماته وأحلامه حول أمور الحياة الظاهرة كأنواع (
وماركات
) الهواتف والسيارات والملابس , وما يتناسب منها مع ( الموضة ) وما لا
يتناسب , بل وكثير من الشباب يجعل جُلّ أحلامه الحصول على أحدث الماركات
في
هذه الأشياء إضافة إلى حلمه بفتاة أحلامه التي يضع فيها الشروط
والمواصفات
التي قد لا توجد إلا في الخيال , وكذلك كثير من الفتيات تجعل جُلّ
اهتمامها
وطموحها بأحدث الصيحات في الملابس وأدوات الزينة , ثم حلمها الأكبر بفتى
الأحلام الذي يخرج لها من الفانوس السحري ليلبي كل طلباتها ويحقق كل
أحلامها .
وهكذا تمضي الأحلام في واد من الخيالات والأوهام لا يفيق الشاب والفتاة
منها إلا على الواقع المؤلم.
ولقد كان لاتساع رقعة التعليم العالي والجامعي والثورة في عالم الاتصال
والمواصلات , وسرعة التقدم في الصناعات الحديثة أثر في عدم قدرة البعض
على
ملاحقة تلك التطورات وفي التعامل معها .
فمن عيوب الحضارة الحديثة أنها تغرق الشباب في بحور من ( الكماليات )
الترفيهية وتكون في الغالب على حساب الأساسيات , وعلى حساب القيم
والمبادئ
, فمن قيم الأجيال القديمة المثابرة والصدق مع النفس والإحساس بقيمة
العمل
, بينما الطموح الجارف وإطلاق الخيال الحر أو الشطح وراء الأحلام من سمات
الأجيال الجديدة.
من هنا فقد حدث الانفصام والانفصال بين الجيل الجديد والجيل القديم ,
وتلحظ
ذلك في المجالس التي تجمع الشباب والشيوخ , تجد هناك فجوة كبيرة في
التفكير
بل وفي المفردات اللغوية , وفي التفاهم بين الصغار والكبار , ولإعادة
التواصل المفقود بين الأجيال لا بد من القرب العاطفي ووجود مساحة مشتركة
للتلاقي والتفاهم , ونقل الخبرات والتجارب من الجيل القديم إلى الجيل
الحديث .
فبعض الآباء قد صار في واد وأولاده في واد آخر, فلا توجد لغة للتفاهم
والتواصل بينهما , فالأبوان لا يكلفان أنفسهما للجلوس مع أبناءهم والتعرف
على طموحاتهم وأحلامهم ومعرفة كيف يفكرون وفيم يفكرون ؟ وهذه أول الخطوات
للتواصل .
وكذا يفعل المعلم مع طلابه والمسئول مع من هم تحت يده ولم يأخذوا بعد
الخبرة الكافية من الحياة .