يقولون إن الجمال والشكل الحسن ضروريان في كل شيء، ولكن عندما يتعلق الأمر بالقوة والسرعة فقد تتغاضى قليلا عن هذين العاملين، وهذا ما ينطبق على سيارة «فاستر وان» من إنتاج شركة سويسرية تدعى «ويبار».
عمليا هي أول سيارة من النوع «المتفوق» تنتجها سويسرا، البلد الذي اشتهر بالجمال الطبيعي والمناظر الخلابة والبحيرات الساحرة والساعات الدقيقة والجبنة والشيكولاته، فهذه السيارة، خلافا لشعار الجمال السائد في سويسرا غير جميلة، ومظهرها يشبه الدبابة الجاهزة للقتال. لكن أصحابها يقولون إنها أسرع سيارة في العالم، وأنها أسرع حتى من سيارة «بوغاتي فايرون»، على اعتبار أن سرعتها في التجارب الأولية فاقت الـ250 ميلا في الساعة. والسويسريون معروفون بتجاربهم الناجحة في الصناعات الدقيقة، كالساعات، والأجهزة الإلكترونية المعقدة الصغيرة، وبالفولاذ الذي يعتبر الأجود في العالم. من هنا أراد صاحب مصنع «ويبار» (واسمه رومان ويبار) كسائر المهندسين السويسريين الذين يعملون معه في مصنعه، أن ينتج سيارة تكون بمستوى شهرة الصناعات السويسرية الدقيقة وتكون رائدة في قطاعها، بحيث تنافس منتجات الشركات الأخرى الشهيرة، مثل «فيراري» و«بورشه» و«بوغاتي». لذلك يشرف هذا المهندس ـ الذي تصفه الصحافة بأنه عبقري غريب الأطوار ـ على كل شاردة وواردة في تصميم هذه السيارة وتشييدها، ابتداء من البراغي الصغيرة، وانتهاء بالجنيحات المتطورة الخاصة بمقاومة الهواء، التي تثبت السيارة على الأرض في السرعات العالية، مرورا بهيكلها المشيد كله من الألياف الكاربونية. وبذل مهندس السيارة عناية خاصة بالتفاصيل الصغيرة، كمقابض الأبواب، كي لا تؤثر على انسياب السيارة ومقاومة الهواء لها، وزود السيارة بأربعة خزانات للوقود بغية توزيع وزنها بشكل متساو، مع الإبقاء على مركز الثقل منخفضا بما فيه الكفاية لسيارة رياضية من هذا الطراز. كما صمم ويبار على أن تكون قوة المحرك (900 حصان مكبحي لدى دورانه بسرعة 7000 دورة في الدقيقة)، وعزم دورانه (744 رطل قدم لدى دورانه بسرعة 3800 دورة في الدقيقة)، عاليين جدا، مما أرغم المهندسين على تصميم علبة تروس خاصة بهذه المركبة الفذة ذات سرعات تتابعية سداسية.
محرك السيارة القوي كان في الأصل من صناعة «جنرال موتورز» في الولايات المتحدة. وكان مؤلفا من ثماني اسطوانات (v8). لكن شركة «ويبار» أدخلت عليه تعديلات وطورته، بحيث بلغ القوة التي ترضي صاحب الشركة الشغوف بالقوة والسرعة.
ومن التعديلات التي أدخلت على المحرك تجريد المحرك الأصلي من صنع «جي إم» من جميع أجزائه، والإبقاء فقط على كتلة الاسطوانات والتصميم الأصلي، وعمود الكامات المركزي، وبعض أجزاء الصمامات. وجرى تحديث هيكل المحرك المصنوع من الألمنيوم الخفيف عن طريق تعزيزه بأجزاء عالية الأداء، مثل جذع الإدارة ذي الموازنة عالية الدقة، فضلا عن الكباسات وأوتاد الدعم المصنوعة من حديد الصلب عالي المتانة.
وجرى تزويد هذا المحرك، سعة 7011 سنتيمترا مكعبا، بشاحنين آليين لتمكينه من بلوغ القدرة الحصانية المطلوبة. وتلبية هذه القدرة الحصانية العالية استوجبت تكليف معمل «ويبار» بتطوير مضخة وقود جديدة تعمل بالحقن، تعمل بدقة متناهية أيضا، وبالتالي ضمان عدم معاناة المحرك من العطش إلى الوقود.
ويتميز هذا المحرك بنظام إدارة فريد أيضا مأخوذ من سيارات الجائزة الكبرى (فورميولا واحد) الذي يتيح للسائق المحترف التفاعل معه عن طريق أزرار ملونة مركبة على عجلة القيادة. وهذه الألوان تتيح للسائق التمييز بين مهامها المختلفة. ومثل هذه الإدارة تساعد في السباقات الكبرى، كسباق التحمل «ليمان 24 ساعة»، وتساعد السائق الراغب في القيادة السريعة المستمرة إذا سمحت له الطرق العادية بذلك. كما يمكنه عن طريق هذه الأزرار تعديل قوة المحرك حسب ظروف الطريق، واستجابة دواسة السرعة (البنزين)، فضلا عن التحكم بمجموعة من الإلكترونيات التي تخفض من انبعاثات العادم وجعلها في حدود المسموح بها. إنها سيارة معقدة أليس كذلك؟
ولكن ماذا عن التسارع؟ يقول المهندس ويبار، إن السيارة تنطلق من سرعة الصفر إلى سرعة 62 ميلا في الساعة خلال 2.5 ثانية فقط. وعلى الرغم من أن بدن السيارة مصبوب كله من الألياف الكاربونية، فإن الهيكل الأساسي السفلي (الشاسي) مصنوع من ألمنيوم عالي المتانة. وهذه المركبة رباعية الدفع بذكاء، مما يضعها في خانة مختلفة كليا عن سائر السيارات الرياضية. والدفع الرباعي الذكي من شأنه أن يوفر للعجلات وإطاراتها التشبث بالأرض والالتصاق بها، بفضل الجنيحات الخلفية التي تعمل أيضا كمكابح هوائية قوية إضافية. فهي توفر 4000 نيوتن من الكبح الإضافي خلال 50 ملي/ ثانية من الزمن. ويتيح الترس الانسيابي الذي يدار إلكترونيا بتوزيع القوة بنسبة 36 في المائة على العجلات الأمامية، والبقية على العجلات الخلفية. وتبلغ زنة السيارة الإجمالية 1100 كيلوغرام مقابل 900 حصان من القدرة. وهذا يعني أن نسبة الوزن إلى القوة عالية جدا، مما يحول المركبة إلى صاروخ فعلي.
وجرى تزويد «فاستر وان» بكاميرا للرؤية الخلفية ترسل صورها إلى شاشة مركبة على لوحة القيادة. وهذا ما يساعد السائق على التراجع بالسيارة إلى الخلف بأمان.
وعلى الرغم من ضيق مقصورة الركاب ذات المقعدين فقط، وكثرة العدادات والمقاييس، فإنها تشعرك بالدفء. والنوافذ تعمل كهربائيا مع نظام للملاحة الإلكترونية يعمل صوتيا أيضا، حتى لا يرغم السائق على رفع بصره عن الطريق أمامه للنظر إلى الشاشة. ولهذه التقنيات المتقدة سعر باهظ، فالسيارة ستباع بـ700 ألف يورو، أو 656 ألف جنيه أسترليني. ويقول ويبار، إنه في العامين المقبلين سينتج ست سيارات فقط، قبل أن يصبح قادرا على إنتاج خمس سيارات في العام الواحد، أما الهدف النهائي فهو إنتاج عشر سيارات فقط في العام الواحد. يبقى القول إن السيارة هذه هي وليدة حلم رجل أراد أن يثبت أنه قادر على إنتاج سيارة متفوقة بكل معنى الكلمة، وألا تكون مثل هذه السيارات حصرا فقط على عدد محدود من الشركات الصانعة ودولها. وسويسرا التي تشتهر بأمور كثيرة وعلى أكثر من صعيد لن يصعب عليها أن تشتهر أيضا بإنتاج سيارات متفوقة، تتميز عن غيرها بأنها سويسرية