أنواع الكذب:
يرى علماء النفس أن الكذب عند الأطفال يتخذ أشكالاً متبانية، تختلف بإختلاف الأساليب الدافعة إليه. ومن هذه الأنواع: الكذب الخيالي، الإلتباسي، والإدعائي، فضلاً عن كذب الإستحواذ، والإنتقام، والكراهية، والخوف من العقاب، ومقاومة سلطة الكبار، وتقليد الكبار، والكذب المزمن.
1.الكذب الخيالي:
نراه عند الأطفال ذوي الخصوبة العالية في الخيال والنشاط، واللسان الطلق، والنمو اللغوي السريع الذي يمكنهم من التعبير، فيبتدعون قصصاً خيالية لا أساس لها من الصحة ولا ترتبط بالواقع. وفيما يلي الحلات الحقيقية التي عُرضت على العيادات النفسية:
كانت هناك ابنة صغيرة اعتادت أن تجلس إلى والدتها وتقص عليها حكايات غريبة تدعي أنها حقيقية، وكانت تسترسل في حديثها استرسالاً مشوِّقاً جذاباً يملك تفكير المستمعين وانتباههم، فأخذها والدها إلى العيادة النفسية لمعالجتها من هذا النوع من الكذب، فلمكا درس المتخصص النفسي حالة هذه البنت وجد أنها على مستوى عالٍ من الذكاء، وأنها طفلة رائعة الخيال، طلقة اللسان، فوجَّه والديها بأن يفتحا لها مجال التأليف، فألفت رواية، وكان هذا فاتحة خير لمستقبل باهر لها.
2. الكذب الإلتباسي:
يختلط هنا الخيال بالحقيقة لدى الطفل، ولا يستطيع أن ميز بينهما، فقد يستمع الطفل إلى حكاية خرافية، أو واقعية، ويعجب بها، وتملك مشاعره، ثم يأتي الطفل في اليوم التالي لسماعه تلك القصة أو الحكاية فتستمع إليه وهو يتحدث عنها وكأنها وقعت له بالفعل! وقد يرى الطفل وهو نائم حلماً ما وعندما يستيقظ من هذا النوم يحكي الحلم وكأنه قد حدث له بالفعل.
ومثل هذا الكذب الإلتباسي لا ينبغي أن يزعج الآباء أو يخيف الأمهات، أو يقلق المربين، لأنه مسألة تتعلق بالنضج العقلي واكتمال الوظائف العقلية الذي يتم مع التقدم بالعمر بالنسبة للطفل، فهو إن وُجد في سن الخامسة من العمر أو السادسة فإنه يزول بالتدريج، ويتلاشى مع سن العاشرة أو الحادية عشرة، ومع ذلك فإننا نقدم للطفل الإرشاد والتوجيه بما يساعده على التمييز بين الخيال والواقع.
3.الكذب الإدعائي:
يلجأ الطفل إليه غالباً لشعوره بالنقص أو الحرمان بسبب ضنك البيئة التي يعيش فيها، وفيه يبالغ الطفل بالحديث عن اللعب الكثيرة التي يمتلكها، والملابس التي يقتنيها، أو الرحلات التي قام بها. وهناك أطفال يتحدثون عن مراكز آبائهم، أو موقع سكنهم أو أثاث منزلهم. ويمكن للقائمين على تربية الطفل في مثل هذه الحلات العمل على إعادة ثقة الطفل بنفسه عن طريق إبراز القوة فيه وتنميتها ليعرف أن قيمة كل إنسان ترجع إلى عمله، وما يستطيع أن يحققه بالفعل لخير نفسه وخير مجتمعه.
4. الكذب الغرضي:
يلجأ إليه الطفل عندما يشعر أن والديه يقفان حائلاً دون تحقيق احتياجاته إلى الإحتيال بطرق مختلفة لتحقيق غرضه، فقد يطلب النقود التي يحتاجها لشراء الحلوى بحجة أ،ه يحتاج لشراء أدوات مدرسية، أو للمشاركة بأحد الأنشطة المدرسية.
وقد يطلب بإسم أبيه أو بإسم أمه نقوداً من أحد الجيران أو الأقارب، أو يأخذ سلعة من أحد المحال التجارية بإسمهما على وعد بالوفاء في أجل قريب. وأسباب هذه الصورة من الكذب تكمن في تشدد الآباء وكثرة عقابهم للطفل، ووقوفهم دون تحقيق حاجاته، والعلاج الجذري لهذا النوع من الكذب ينبغي أن يكون وقائياً يقوم على إيجاد الفهم الكامل لدى الآباء والمربين بإشباع حاجات الطفل، وإعطائه الثقة بنفسه، والإستجابة لمطالبه المشروعة، وإعطائه نفقة شخصية يتصرف فيها تصرفاً مسؤولاً تحت إشراف الآباء وبقدر معقول من التسامح ودون تزمت أو تشدد.
5. الكذب الإنتقامي:
ويلجأ الطفل له تحت وطأة الشعور بالغيرة من المكانة التي يتمتع بها غيره من الأطفال في جماعة الفصل، أو بين الأخوة والأخوات داخل الأسرة حين يشعر أن بعضهم يلقى معاملة مميزة من المعلم، أو من أحد الوالدين، فيلجأ الطفل إلى الإنتقاص من قدر الطفل الذي يغار منه بأن يلصق به تهمة من التهم، أو ينسب إليه عملاً شائناً. وظهور مثل هذه الظاهرة بين الأطفال في البيت أو المدرسة ينبغي أن يوجه اهتمام المربين إلى الإنتباه بأهمية العناية بجميع الأطفال على قدم المساواة، وعدم التفرقة في المعاملة بينهم، ولا يكون التقدير الخاص إلا للعمل الحقيقي الذي ينجزه الطفل، وينبغي أن يشعر كل طفل أنه ممتاز في عمل معين.
6.الكذب الوقائي :
يلجأ الطفل إليه نتيجة الخوف من عقاب يخشى أن يقع عليه، وخصوصاً إذا كان هذا العقاب في سن متقدمة مع البالغين نجد أن ولاء الناشئ لجماعته في النشاط المدرسي، أو النادي الرياضي، قد يدفعه إلى الكذب ليدفع عن الجماعة عقاباً أو ليقيها عقوبة قد تقع عليها.
7. كذب التقليد:
الطفل في السنوات الخمس الأولى من حياته محب للتقليد، يقلد من حوله في طريقة الجلوس و المشين وطريقة تناول الطعام، بل هو يمتص العواطف و الاتجاهات والقيم وأساليب التفكير التي يسلكها الكبار حوله في معالجة شؤون حياتهم، مثل مايحدث أحياناً عندما يدق جرس الباب من ضيف يسأل عن أحد الوالدين، أو بالهاتف فيطلب الأم أو الأب من أحد الأبناء يعتذر بعدم وجود الأب أو الأم، ويكون الصغير مراقباً للمشهد، فتنتقل إليه عدوى الكذبة الصغيرة لتكون كذبة كبيرة فيما بعد.
8. الكذب المرضي أو المزمن:
إذا ماتكرر كذب الطفل لأي سبب سابق يصبح لازمة من لوازم الشخصية المرضية له، وقد تصاحبه أعراض أخرى مثل السرقة أو الغش أو الإختلاس وغيرها.
وعند ذلك لايسعنا إلا أن نتذكر الحكمة القائلة: كل الأمور مبدؤها من النظرِ ...... ومعظم الناس من مستصغر الشررِ
أسر تعلم أبنائها الكذب:
* الأب الذي يعد ابنه بتقديم هدية له ولا يفي بوعده يعلمه الكذب.
* والأم التي تعتذر لجارتها أمام ابنتها عن إعارتها شيئاً من الأشياء التي تطلبها بعذر أن هذا الشيء غير موجود لديها... على حين أنه موجود بالفعل، أم تعلم ابنتها الكذب.
* والأب الذي يطلب إلى ابنه أن يرد على الهاتف ويخبر المتكلم أن أن الأب غير موجود الآن بالمنزل هو أب يعلم ابنه الكذب... فيشب على ذلك الأسلوب المقيت.
والخطورة في المواقف السابقة أن الأبناء الصغار لا يدركون أ، كذبة الأب أو كذبة الأم كانت خاصة بموقف معين. لكن سرعان ما يقوم الصغير بتعميم النتيجة التي توصل إليها من تلك المواقف البسيطة على مواقف أكبر في حياته المستقبلية.
وعندما يقوم الأب أو الأم بأداء الواجب المنزلي عن الطفل، ويسمحان له بأن يدعي أمام المعلم أنه قام بعمله بنفسه، ومثلها أيضاً أن يصحب الأب الطفل إلى الطبيب ويطلب إليه كتابة شهادة طبية تفيد بأن الطفل كان مريضاً في فترة معينة على حين أنه كان في سفر طويل مع الأسرة .... كلها مواقف تعلِّم الطفل الكذب.
كيف تحمي طفلك من الكذب؟؟؟
1. عامل طفلك برفق وأشعره بعطفك:
عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها،، قالت: قبّل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين ابني علي وعنده الأقرع بن حابس التميمي فقال الأقرع : إن لي عشرة ماقبّلت منهم أحداً – فنظر إليه رسول الله عليه الصلاة والسلام ثم قال: من لايَرحم لايُرحم
2. اكسب ثقة طفلك وشجعه على أن يتحدث معك بكل مايدور في نفسه:
الحوار المتبادل بين الطفل ووالديه باستمرار يمده بالثقة بالنفس والعكس صحيح. فقد تتسخ يداه أو ملابسه أو قد تتكسر بعض أدواته أو قد يكون لديه واجبات مدرسية ثقيلة لكنه لايجرؤ على البوح بذلك في غياب الحوار المتبادل فيلجأ إلي التستر والإخفاء والكذب.
3. دعه يستمتع بطفولته وعالمه الخيالي، ومع ذلك تدرج به برفق إلى التفرقة بين الخيال والواقع:
قد يحوِّل الطفل الكرسي إلى عربة أو طائرة، وأغطية زجاجية إلى أطباق، والسلاسل الصغيرة إلى أثاث، وهو يخاطب هذه الأشياء ويحاورها ويبعث فيها الحياة، ومن المهم أن يحترم الوالدان والمحيطون بالطفل هذه الخاصية منه فلا يسخرون من عمله ولا يتدخلون فيه باللوم أو التأنيب.
4. وفر للطفل حاجاته الأساسية بدرجة معقولة:
قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: أفضل دينار ينفقه الرجل دينار ينفقه على عياله، ودينار ينفقه على دابته في سبيل الله، ودينار ينفقه على أصحابه في سبيل الله.))
ولذلك وجب على الآباء توفير الحاجات المادية للطفل في حدود الإمكانات. ولايحرمون الطفل. إضافة لتوفير الحاجات النفسية.
5. صدِّقه:
وابتعد تماماً أن تشعره بأنك تشك فيما يقوله، ولا تصفه أبداً بالكذب.. وحاول أن تتعرف الأسباب التي تجعله يلجأ للبحث عن الذرائع، وابعث في نفسه الإطمئنان.
6. لا تجبره على أداء عمل لا يميل إليه قسراً:
وإنما حاول أن تشاركه في تذليل الصعوبات التي تعترض أداءه لذلك العمل. وعندما تكلف الطفل بعمل راعِ قدراته الجسمية والعقلية وحالته النفسية بوجه عام.
7. وفر للطفل الهناء العائلي:
واجعله يعيش يعيش في جو من التفاهم المتبادل بين جميع أفراد الأسرة وابتعد عن أي انفعل يثير الخوف أو الفزع في نفسه.
8. تفاهم الآباء والأمهات والمعلمين على المعاملة المتزنة الثابتة للطفل:
في المواقف المتشابهة واتخاذ الموقف الموحد إزاء السلوك غير المرغوب فيه يعطي القيم الأخلاقية معنى، وييسِّر للطفل امتصاص تلك القيم.
9. اهتم بملاحظة سلوك طفلك:
وماقد يطرأ عليه من تغيّر، لكن لا تكثر من التدخل في شؤونه، ولاتشعره بأنه مراقب، وحاول من ملاحظتك له أن تتعرف على المشكلات التي قد تجدُّ له أثناء نموه.